الخميس، 11 أبريل 2013

جولة كيري للسلام أم للحرب؟
رأي القدس
2013-04-10

 
لم نستغرب ما نشره يوم امس موقع 'واللا' الالكتروني الاسرائيلي نقلا عن مسؤول امني كبير وصف جولة جون كيري وزير الخارجية الامريكي الماراثونية الحالية في منطقة الشرق الاوسط، بانها تهدف الى تكوين تحالف او محور لفرض المزيد من العقوبات ضد ايران، لارغامها على وقف برنامجها النووي، واحتمال شن هجوم عسكري عليها في حال فشلت العقوبات في تحقيق اهدافها.
عدم استغرابنا هذا نابع من تجاربنا السابقة مع التحركات الامريكية المشابهة، ففي كل مرة تحدث فيها مسؤول امريكي عن احياء عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين اقدمت الولايات المتحدة على ارسال جيوشها وقاذفاتها العملاقة (B52) لقصف واحتلال دولة شرق اوسطية.
في عام 1990 وبعد اجتياح القوات العراقية للكويت وعدنا جورج بوش الاب بعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية، وبعد تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001 وعدنا جورج بوش الابن باقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل انتهاء ولايته الرئاسية الاولى، وجدد الوعد نفسه قبل وبعد احتلاله للعراق على اساس اكذوبة اسلحة الدمار الشامل، وبقية القصة معروفة.
الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي وعد في بداية رئاسته الاولى بجعل قضية الدولة الفلسطينية المستقلة على قمة اولوياته، رضخ لتهديدات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي واللوبي اليهودي الامريكي الداعم له، وتراجع عن هذا التوجه كليا، رافعا راية الاستسلام، ومنكفئا في مكتبه البيضاوي، بحجة معالجة ازمات بلاده الاقتصادية، وتمرير برنامجه الصحي الاصلاحي.
الآن بدأ العد التنازلي للهجوم الاسرائيلي ـ الامريكي على ايران لتدمير طموحاتها النووية، بعد ان فشلت جولة المباحثات الاخيرة في التوصل الى اتفاق سلمي، وهناك من يقدر ان هذا الهجوم بات وشيكا وقد يقع في شهر حزيران (يونيو) المقبل.
وهناك عدة مؤشرات في هذا الصدد علاوة على محاولات احياء عملية السلام الفلسطينية ـ الاسرائيلية.
' اولا: زيارة اوباما لتل ابيب وتجديد التزامه بعدم السماح لايران بان تتحول الى قوة نووية.
' ثانيا: تحقيق المصالحة التركية ـ الاسرائيلية واقناع نتنياهو بالاعتذار لرجب طيب اردوغان نظيره التركي.
' ثالثا: وصول تشاك هاغيل وزير الدفاع الامريكي الى القدس المحتلة لاحياء التعاون والتنسيق العسكري التركي ـ الاسرائيلي والعودة به الى صيغته السابقة.
' رابعا: تكرار التصريحات الايرانية من قبل كبار المسؤولين وابرزهم السيد علي خامنئي بان ايران سترد ردا ساحقا في حال تعرضها لهجوم اسرائيلي على مفاعلاتها النووية.
لتسهيل قيام هذا المحور الجديد، واعطاء ثماره يتعرض بنيامين نتنياهو الى ضغوط مكثفة حاليا من قبل الادارة الامريكية ووزير خارجيتها كيري لتقديم بعض التنازلات الشكلية للفلسطينيين، مثل دفع مشاريع اقتصادية فلسطينية في المنطقة 'ج' الخارجة عن ولاية سلطة الرئيس عباس، وتحويل مستحقات الضرائب الفلسطينية المستحقة للسلطة دون تأخير.
تجري محاولة دؤوبة حاليا لتجميل وجه نتنياهو وتصويره كحمل وديع يريد السلام وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، والشيء نفسه يقال عن حكومته اليمينية الاستيطانية المتطرفة، ومن اللافت ان السلطة الفلسطينية التي استخدمت بطرق بشعة، ولدغت من الجحر نفسه اكثر من مرة في السابق، تجاري هذا المخطط الامريكي وتتجاوب معه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق