الخميس، 30 يوليو 2015


الاتفاق النووي حقق الاستقرار للنظام الإيراني في الداخل!

منذ وصوله إلى البيت الأبيض، انخرط الرئيس الأميركي باراك أوباما بعملية تجميل وتسويق للنظام الإيراني، لكن من سيجمل صورة الرئيس الأميركي ويسوّقه كرجل يتمتع بمصداقية ويعمل من أجل حل القضايا العادلة. قضية فلسطين لو أعطاها هذا الوقت وجمع الدول الـ«5 + 1» من أجلها، لكان دخل التاريخ كرجل سلام وليس كرئيس سيتسبب بحرب مذهبية لا يعرف أحد كيف ستنتهي. الاتفاق النووي الإيراني لن يجلب السلام، سيشعل أرضًا شاسعة تتجاوز المنطقة، تصل نيرانها إلى الهند وباكستان وأفغانستان، وسيطلق سباق تسلح نووي وهذا مؤكد. اعتقد أوباما أن صورة له وهو يدخن السيجار الهافاني ويستمتع بأكل الكافيار الإيراني ستكون شعار إرثه، الذي سيثبت ما كان قاله الرئيس الأميركي السابق جون كيندي واعتمده لاحقًا وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر، بأن على أصدقاء أميركا أن يحذروها أكثر من أعدائها.
أول ردة فعل لإيران على الاتفاق النووي كانت بأنها لن تسمح لمفتشين أميركيين بدخول أراضيها ومنشآتها (وهذا أول إذلال). قد يكون الأهم في الاتفاق الإيراني أنه سيغير نمط التفكير العربي والرؤى الاستراتيجية العربية، خصوصًا أنه من خلال قراءة الاتفاق (16 صفحة) و(5 ملاحق)، فإن إيران لن تغير من أهدافها النووية الاستراتيجية، لكن خلال تطبيق الاتفاق سيكون من الصعب على النظام الإيراني إنتاج النووي من دون أن ينكشف أمره، ومن المؤكد أن إيران ستلتزم ولن تفرط في الاتفاق.
أهداف إيران عبر الاتفاق هي: المحافظة على نظام الجمهورية الإسلامية، والإصرار على النفوذ الإيراني بأن يزداد. الآيديولوجيا المتبعة التي بدأها الرئيس حسن روحاني عندما قاد المفاوضات زمن الرئيس محمد خاتمي: «قدموا تنازلات اليوم من أجل الكسب في المستقبل».
روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف يعتبران الآن بطلين في إيران، وقد رُفعت صورة لظريف إلى جانب صورة لمصدق. أما روحاني فقد حقق أهم إنجاز، إذ وعد بتغيير العلاقة بين إيران والغرب، وقد رأينا صورًا لإيرانيين يحملون صورًا أميركية ويهتفون: «نحب أميركا»، «لا للفلافل نعم للماكدونالدز».. إذا انتظرنا قليلاً، فلن نعود نرى مثل هذه الصور، لأن على المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أن يعطي جزءًا من الانتصار للمحافظين، وقد أعطاهم في خطابه يوم السبت الماضي الكثير من المواقف والشعارات، هو أيضًا يريد أن يوفر للحرس الثوري الإيراني الأموال كي لا يؤذوا روحاني أثناء تطبيق الاتفاق. ستسترجع إيران 100 مليار دولار، وسيكون للحرس حصتهم التي ستساعدهم على الإبقاء على نفوذهم في الداخل، ونفوذ إيران في العراق وسوريا واليمن وعند «المجاهدين في لبنان وفلسطين»، كما وعد خامنئي. لكن على المدى البعيد، فإن القوة الاقتصادية للحرس ستتضاءل إذا ما جاء الأجانب وبدأوا الاستثمار، ستنافس شركاتهم شركات الحرس، وربما بعد أقل من أربع سنوات سيسبب الحرس مشكلة سياسية وأمنية واقتصادية لإيران.
إيران مع الاتفاق تبقى الدولة نفسها، لن تغير سياستها، لم يسألها أحد تغيير سياستها ومع هذا صارت بنظر الغرب «دولة إيجابية». الذي تغير هو الغرب فإيران بنظره هي «البقرة الحلوب»، لذلك لا يحق للغرب، ولواشنطن بالذات، الطلب من الدول العربية تغيير مواقفها تجاه إيران.
ثم إن دول المنطقة لم تتفاوض مع إيران، بل أميركا والغرب والصين وروسيا. ومن وجهة نظر إيران فإنها لا تريد التعاون مع أميركا ضد «داعش»، تريد أن تحقق الانتصار بمفردها. هي بالأحرى تخاف أن تستغل أميركا الوضع، وترسل قوات برية إلى العراق. أيضًا لن نرى سفارة أميركية في طهران، كما رأينا يوم الاثنين الماضي في هافانا، فالمرشد الأعلى «أقسم» على أنها الشيطان الأكبر، فكيف يدخل الشيطان إلى جمهورية ولاية الفقيه؟
خلال المفاوضات، كان جواد ظريف يصرح بأن إيران على استعداد للعمل مع أميركا لحل مشكلات المنطقة. أميركا تريد هذا لكنها لا تزال بنظر إيران العدو، أما إيران فلم تعد العدو بل الدولة التي «لا تزال لنا مشكلات كثيرة معها إنما...» على قول جون كيري وزير الخارجية الأميركي يوم الأحد الماضي.
اعتقد الأميركيون أن إيران إذا وقّعت اتفاقية مع الغرب قد يتغير نظامها في المستقبل القريب، العكس سيحدث. من دون الاتفاقية كان وضع النظام صعبًا، لأن الناس كانوا يعانون مع الاتفاقية. ارتاح النظام. الشارع الإيراني هادئ، يرى أن انتخاب روحاني أدى إلى الاتفاق، فأصبح للناس أمل. أتى هذا الاتفاق لمساعدة النظام، السنة المقبلة لن تكون هناك أي معارضة للنظام، ربما بعد 3 أو 4 سنوات، عندما يشعر الناس بأن كل ثمار الاتفاق ذهبت للفساد، ربما عندها سنلاحظ توترًا. أهم إنجاز لهذا الاتفاق هو استقرار النظام، عكس ما كان يحلم به الغرب من المقاطعة. أرادوا قلب النظام فثبتوه، أرادوا إيقاف البرنامج النووي، فأعطوا إيران فرصة لتطوير قدرتها، وهي تنتظر مرور السنوات العشر التي هي مجرد لحظات في تاريخ الدول.
أمام روحاني العام المقبل انتخابات مجلسي الشورى والخبراء. من الصعب أن يفوز المعتدلون في مجلس الشورى لأن الأغلبية من رجال الدين الذين ينتخبون المرشد المقبل لمدة 8 سنوات، قابلة للتجديد، وسيعمل خامنئي كي يكون المرشد بعده من الآيديولوجيا نفسها. حاليًا مجلس الخبراء برئاسة رجل الدين المتشدد أحمد جنتي (والد علي جنتي وزير الثقافة). هناك حظوظ للمعتدلين في انتخابات مجلس الشورى، قد لا يحصلون على الأغلبية لكنهم يساعدون حكومة روحاني على العمل من دون تهديد وزرائه بسحب الثقة منهم. مجلس الشورى غير مهم، لأن إيران ليست دولة ديمقراطية، إنما يساعد على معرفة التحرك السياسي للقيادة الإيرانية. صحيح أن الحكومة ستكون معتدلة، لكن كل الأجهزة الأمنية الأساسية في عهدة المتشددين، وكذلك القضاء الذي يرأسه صادق لاريجاني (شقيق علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى) أحد المرشحين لخلافة المرشد الأعلى.
هذا الاتفاق لم يحل لإيران مشكلة المقاطعة العسكرية، وكانت روسيا مع رفعها فورًا وليس بعد 8 سنوات، من أجل تحقيق صفقات عسكرية.
خطاب خامنئي، رغم كلماته النارية، لا يدل على أن إيران تكسب على الجبهات الكثيرة التي تقاتل عليها، البحرين ردت على التدخل الإيراني بشكل أحرج الغرب، وفي اليمن لاحظنا الماكينة الإعلامية الإيرانية كيف تحركت على كل الأصعدة لتكذيب ما يجري على ساحته المحروقة. الوضع الإيراني في سوريا ليس جيدًا، إنما في العراق أفضل، إذ أصبح «تابعًا لها» رغم أن معركة تكريت كشفت عن ضعف عسكري. إيران تنجح بدفع «داعش» إلى سوريا، إذ لها خطوط حمراء في العراق أهمها أن يبقى «داعش» على بعد 40 كلم من حدودها، تهمها بغداد، والأماكن المقدسة لدى الشيعة. طالما الحرب في العراق مستمرة، فإن إيران تكسب. رئيس الوزراء حيدر العبادي من دون الميليشيات الشيعية لا شيء. فالجيش انهار، والبلاد مقسمة. في سوريا الوضع مختلف، بشار الأسد صار مشكلة ولم يعد حلاً. «داعش» و«جبهة النصرة» وآخرون يقتربون أكثر من لبنان، وهذا يعني أن «حزب الله» مهدد ويُستنزف. إيران لا ترسل جنودًا إيرانيين لمساعدة الأسد، لديها 500 من الحرس الثوري كمستشارين، بينما لـ«حزب الله» ما بين 5 آلاف إلى 6 آلاف مقاتل.
الأسد ليس الأهم في سوريا بالنسبة إلى إيران. الأهم اللاذقية كمرفأ (مهم أيضًا لروسيا)، ومطار دمشق من أجل إيصال الأسلحة إلى «حزب الله». إذا ساعدت إيران في المحافظة على المنطقة العلوية مع دمشق يكون هذا كافيًا.
المشكلة أن الوضع يزداد سوءًا، والإسلاميون يقتربون من الأماكن التي تعتبرها إيران حساسة. بعد الاتفاق، قد تتوقف الولايات المتحدة عن محاربة إيران، لكن سنرى آخرين وهم كثر، وهؤلاء لن يقبلوا بسيطرة إيران على المنطقة. ثم داخل إيران سيزداد النقاش حول تقاسم المصالح، وحول كيفية التعامل مع الغرب. وربما قبل أن تدير أميركا ظهرها للشرق الأوسط، كما تهدد، قد يفاجئ الرئيس أوباما العالم، تمامًا كما فعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع إسرائيل. لكن هل ستسمح له القيادة الإيرانية بإلقاء خطاب في مجلس الشورى الإيراني، إذا ما حط رحاله، قبل رحيله عن البيت الأبيض في طهران، كي يكمل الدائرة؟

الاتفاق النووي الإيراني.. الرابحون والخاسرون



أوباما أضافه إلى إرثه السياسي.. وأوروبا تتسابق لقطف الثمار التجارية.. وتركيا من الأطراف الخاسرة
نسخة للطباعة Send by email 
لندن: أمير طاهري
لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن يصبح الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني واقعا ملموسا على الأرض إن أصبح كذلك بالأساس. مع ذلك حتى إذا لم يصبح واقعا، فقد أسفرت العملية ذاتها عن خاسرين ورابحين محتملين.

لا توجد صلاحية قانونية للاتفاق المبدئي، الذي يعرف بالخطة الشاملة، لأن أحدا لم يوقع عليه، مع ذلك فإن القرار، الذي أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي وهو السابع الخاص بهذا الأمر، قد ينظر إليه باعتباره يضفي قدرًا من الشرعية على الخطة.

وصوتت الولايات المتحدة بصفتها راعية للقرار لصالحه مما جعلها ملتزمة به، أما إيران، فهي ليست عضوا في مجلس الأمن، ولم يكن عليها التصويت ولم تتقبله. ولن يكون قبول قرار جديد بالأمر اليسير، لكنه يقوم على ستة قرارات سابقة رفضتها إيران.

ولمح جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، يوم السبت الماضي إلى أن الجمهورية الإسلامية قد لا تقبل القرار الجديد وهو ما يجعل الغموض يلف القضية برمتها في هذه الحالة. وقال ظريف: «يوضح نص الخطة أن فحواها لا يتطابق مع فحوى القرار 2231، وبالخلط بين الاثنين يثير جون كيري حالة من الارتباك».

وحتى تقبل إيران القرار الجديد وتمنح سندا قانونيا للخطة يجب أن يوافق مجلس الوزراء على النص أولا، ومن ثم سيتم تقديم الخطة إلى المجلس الأعلى للدفاع الوطني؛ وفي حال الموافقة عليه، ستتم إحالة النص إلى المجلس الإسلامي، الذي سيحيله بدوره، في حال الموافقة عليه، إلى مجلس صيانة الدستور. وفي النهاية، سيتم تقديم النص إلى «المرشد الأعلى»، والذي لا يوجد ما يلزمه بقبوله، بل يمكنه إلغاؤه في أي وقت بموجب الحكم الحكومي.

الوثيقة الوحيدة التي وقعت عليها إيران في فيينا هي ما يطلق عليها يوكيو أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية «خريطة طريق» للتعامل مع مخاوف الوكالة الدولية بشأن الجوانب العسكرية للبرنامج النووي الإيراني مع التوجه لإصدار تقرير. ولا يزال النص سريا. مع ذلك لا يعني التوقيع الكثير؛ فعلى مدى الاثني عشر عاما الماضية وقعت إيران على مثل تلك الوثائق في ثلاث مناسبات ولم تكن تلتزم بها في كل مرة.

في كل الأحوال، لا توضح «خريطة الطريق» الوجهة، أو السرعة، أو الوسيلة، أو حتى ما إذا كان ينبغي بدء الرحلة بالأساس أم لا. ولا يمكن لأي «خريطة الطريق» أن تمنع المرء من تجاوز بعض النقاط أو حتى التراجع.



الرابحون

رغم أن ما بحوزتنا ليس سوى اتفاق غير حقيقي، يبدو رد الفعل العام تجاهه إيجابيًا. وليس من الصعب فهم ذلك. من بين الرابحين الرئيس باراك أوباما، الذي تمكن من اتخاذ هذه الخطوة في الفترة المتبقية من رئاسته، ويتفاخر بالفعل بذلك «النجاح التاريخي» الذي سيصقل إرثه.

وترضى روسيا عن الاتفاق لأنها تريد نصيبا من الأصول الإيرانية المتجمدة من خلال بيع أسلحة لطهران. وخلال المفاوضات التي تمت في فيينا، قاد حسين ديغان وزير الدفاع الإيراني وفد شارك به 40 شخصا إلى موسكو لمناقشة مشتريات الأسلحة. ولحق بالوفد حبيب الله سياري، قائد البحرية الإيرانية، الذي يريد تطوير، وإعادة تسليح قوته بمساعدة روسيا.

كذلك ترضى الصين عن الاتفاق لأنها بدأت إبرام اتفاقيات من أجل بناء خمس منشآت نووية في إيران، وتعتزم ضخ استثمارات ضخمة في صناعة النفط الإيراني. الجدير بالذكر أن إيران تعتمد على النفط الإيراني في سد 11 في المائة من احتياجاتها. وترضى ألمانيا عن الاتفاق لأن إيران هي أكبر شريك تجاري في الشرق الأوسط. وزادت الصادرات الألمانية إلى إيران بنسبة 32 في المائة خلال العام الماضي بفضل ضمانات الحكومة، التي تعتمد على الأمل في «اتفاق» يضع المزيد من المال في جيوب الإيرانيين. وترضى فرنسا عن الاتفاق لأن من شأنه تحفيز مبيعات الأسلحة إلى العرب الذين يشعرون بالقلق من تسلح إيران النووي. كذلك وقعت فرنسا على اتفاق من أجل إنشاء محطات كهرباء تعمل بالطاقة النووية في الكثير من الدول العربية من بينها مصر.

أما داخل إيران، فالرابح المباشر هو الفصيل الذي يقوده الرئيس هاشمي رافسنجاني وبه الرئيس حسن روحاني وأغلبية الوزراء في مجلس وزرائه. ويوم الإعلان عن «الاتفاق» في فيينا، نشر رافسنجاني ملصقا يظهر فيه على خلفية من الشمس المشرقة، وإلى جواره صورة روحاني، ووزير الخارجية ظريف، بحجم أصغر من رافسنجاني. وكان التعليق المصاحب للملصق «هاشمي، حكمتك وبعد نظرك، أفقت السكران من سكره». وتمثل تلك القصيدة الصغيرة هجوم على خامنئي الذي اتهمه رافسنجاني، من دون أن يسميه، بأنه «سكران بالشعارات». ويرى رافسنجاني أن «الاتفاق» نقطة انطلاق لحملته الرامية إلى السيطرة على المجلس الإسلامي، ومجلس الخبراء، الذي سيختار «المرشد الأعلى» في الانتخابات العامة خلال العام المقبل. وفي النهاية سيشغل منصب خامنئي إلى جانب أحد مساعديه. ومرشح رافسنجاني هو حسن الخميني، حفيد آية الله الخميني مؤسس الجمهورية الإيرانية.



تجاهل «المرشد الأعلى»

من أجل الإبقاء على المسافة الفاصلة بينه وبين خامنئي، قام رافسنجاني بأمرين خلال الأسبوع الماضي. كان الأول هو رفض الانضمام إلى الحضور الذي يقدمه خامنئي إلى رموز النظام. وظهر المقعد، الذي كان مخصصا لرافسنجاني، خاليا لأول مرة منذ عقود خلال الفعالية التي بثت على الهواء مباشرا. وكان الأمر الثاني في احتفالات عيد الفطر عندما تولى خامنئي إمامة الصلاة، ولم يقف رافسنجاني في الصف الأول، وفي النهاية غادر من دون إلقاء التحية على «المرشد الأعلى».

كذا يمكن اعتبار الجيش الإيراني من بين الرابحين. حتى قبل الإعلان عن «الاتفاق»، زاد روحاني ميزانية الجيش بنسبة 23 في المائة. وفي ظل الموارد المالية الجديدة، يمكن للجيش الإيراني أن يضغط لتنفيذ مشروعين. الأول هو تعزيز وجوده في العراق، وسوريا، ولبنان، قبل أن يحاول أي رئيس أميركي جديد من المحتمل أن يتسم بالعدائية التراجع عن سياسة أوباما الداعمة لطهران. الهدف المقبل هو بدء عمليات بناء هائلة في البحرية الإيرانية النظامية، والعمليات غير النظامية التي يسيطر عليها الحرس الثوري. ويعلم المخططون العسكريون في طهران أن أصول سلاح البحرية القادرة على توفير الدعم اللوجيستي ضرورية لمشروعات بناء إمبراطورية. ولا يوجد لدى أي دولة إقليمية في اللحظة الراهنة سلاح بحرية، حيث يعتمدون جميعهم على الولايات المتحدة في توفير الأمن البحري. وتعزز معاهدة الحدود البحرية، التي أقنعت إيران عمان بتوقيعها منذ بضعة أسابيع، طموحات طهران البحرية. وتضمن البحرية الإيرانية لعمان الحقوق البحرية في الجزر العمانية في خليج عمان وبحر العرب. وتعد جزيرة بيت الغنم من الجزر العمانية المهمة التي تعد البوابة الجنوبية لمضيق هرمز. كذلك لدى إيران قواعد بحرية في سوريا وأصول بحرية في لبنان بفضل وحدات تنظيم حزب الله الذي يخضع لسيطرة الجمهورية الإسلامية.

الخاسرون

تعد تركيا من بين الأطراف الخاسرة، حيث استفادت كثيرا من العقوبات المفروضة على إيران من خلال توفيرها لقنوات بديلة. ومع استعادة إيران للعلاقات التجارية الدولية المباشرة، سوف تخسر تركيا قدرا هائلا من العائدات التي كانت تحققها نظير رسوم النقل عبر أراضيها. ويظل الأسوأ هو أنه من المؤكد أن يزيد وجود جمهورية إسلامية وقوية الضغط على تركيا لقبول قيادة خمينية. ونشرت صحيفة «كيهان» اليومية، الناطقة باسم خامنئي، مقال افتتاحي يوم السبت يدعو تركيا إلى «الانضمام إلى جبهة المقاومة» تحت قيادة إيرانية، والاعتراف ببشار الأسد كرئيس شرعي لسوريا، والامتناع عن «ظلم الأقلية من العلويين والأكراد».

وهناك خاسر محتمل آخر وهو دبي، الإمارة التي كانت بمثابة عصب النشاط المصرفي والتجاري الإيراني منذ ثمانينات القرن الماضي. وبحسب آية الله شرودي، أحد مساعدي خامنئي، تزيد الاستثمارات الإيرانية في دبي على الـ700 مليار دولار. كذلك سينتهي الحال بأكثر دول المنطقة إلى التحول إلى خاسرين. وسيصبح نظام يدعم آيديولوجية راديكالية، ويسعى لزعامة العالم الإسلامي كله، أقوى لما سيراه خضوعا واستسلاما من قبل الولايات المتحدة. وهذا واضح بالفعل مع تكثيف حملة الخميني الدعائية على أساس إعلان خامنئي بداية الشهر الحالي عن «منطقة نفوذ» إيرانية.

ويعد ذكر خامنئي للبحرين واليمن ضمن منطقة النفوذ مثار قلق بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وقال حميد زمردي، مخطط جيو استراتيجي: «أعلن خامنئي عن مشروع بناء إمبراطورية بذريعة معالجة الانقسامات الداخلية في النظام. ويمكن أن يتيح مثل هذا المشروع للفرق المتنافسة التعاون سويا من أجل تصدير الثورة».



إسرائيل أكبر الخاسرين

من جانب يمكن اعتبار بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، واحدًا من الخاسرين لأنه أخفق في منع التوصل إلى «الاتفاق» الذي أبرم في فيينا؛ ومن جانب آخر، يرى بعض القيادات الإسرائيلية، ومن بينهم قادة سابقون لجهاز الموساد الإسرائيلي مثل مائير دوغان، وإفرايم هليفي، إيران كحليف استراتيجي للدولة اليهودية. وحجتهم في هذا الصدد هي أن كلا من إسرائيل وإيران لا ترغب في شرق أوسط يهيمن عليه الإسلام السني أو القومية العربية. وباستثناء الحملة الدعائية، لم يتخذ الملالي أي موقف ضد إسرائيل؛ فهم يستخدمون القضية الفلسطينية فقط لإقناع العرب بنسيان أن إيران قوة شيعية واحترام قيادتها. ويشير البعض ومن بينهم ديفيد لورد أليانس، أحد أعضاء مجلس اللوردات البريطاني، إلى أن إسرائيل تدعو إيران إلى المشاركة في إدارة «المواقع المقدسة» الإسلامية في القدس.

مع ذلك يمكن أن ينتهي الحال بخامنئي، والفصائل المتشددة، التي تدعمه داخل إيران، إلى أن يكونوا من بين الخاسرين في حال ساعد الـ«اتفاق» في إنقاذ الجمهورية الإسلامية من أكبر أزمة اقتصادية مرت بها منذ الخمسينات. إذا حدث تطبيع للعلاقات مع الولايات المتحدة، سيحرم النظام من الدعامة الآيديولوجية الرئيسية التي تتمثل في شعار «الموت لأميركا». ويمكن لرافسنجاني و«مجموعة نيويورك» المحيطة به تقديم «حل صيني» تظل فيه الجمهورية الإسلامية نظاما قمعيا في الداخل، مع إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة؛ بل إنهم مستعدون لوضع الجمهورية الإسلامية تحت وصاية القوى الكبرى لمدة تتراوح بين 10 و15 عاما من أجل ضمان بقاء النظام. ويقول إبراهيم أصغر زاده، أحد المشاركين في عملية احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية والذي أصبح داعما للإصلاح: «في تلك الحالة قد تكون الطبقات الوسيطة الإيرانية من الخاسرين. بل قد يصبح حتى روحاني من الخاسرين».



الإرهاب

لن يضع الـ«اتفاق» حدا لدور الجمهورية الإسلامية في دعم الإرهاب قي مختلف أنحاء العالم. وسوف يستمر تدريب، وتمويل، وتسليح حزب الله، وحماس، والجهاد الإسلامي، وغيرها من الجماعات المماثلة، بل وقد يزداد. ومن المؤكد أن أوباما يعلم أن طهران هي العاصمة التي لأغلب التنظيمات الإرهابية، ومنها غير الإسلامية من أميركا اللاتينية، مكاتب بها، والتي تعقد بها مؤتمرات سنوية كل فبراير (شباط). وسوف تحافظ طهران على هذا التقليد الذي بدأ خلال الأشهر القليلة الأولى من عمر الجمهورية الإسلامية، وهو احتجاز بعض الرهائن الأميركيين سواء داخل إيران، أو على أيدي عملاء الخميني في مناطق أخرى من الشرق الأوسط. ومنذ عام 1979 لم يمر يوم دون أن يحتجز أتباع الخميني بعض الأميركيين. ولا يزال هناك أربع رهائن محتجزون حاليا في طهران وهناك واحد مفقود. ويمكن للاتفاق أن يشجع أكثر العناصر تطرفا في نظام يستعد بالفعل إلى شن حملة ملاحقة كبيرة على مستوى البلاد ضد كل أشكال المعارضة وذلك بحسب تقارير في أنحاء إيران. وتم القبض على عشرات من نشطاء حقوق الإنسان، ونشطاء عماليين، ونشطاء في مجال حقوق الأقليات العرقية، على مدى الأسابيع القليلة الماضية، في الوقت الذي تروج فيه حملة تعرف باسم «العفة الإسلامية» لإجراءات جديدة ضد النساء. ودائما ما يكون الاتجاه نحو الثورة والإرهاب سهلا، والابتعاد عنه صعبا. لهذا لا يستبعد الكثير من المراقبين في إيران حدوث أي مفاجآت حين يتعلق الأمر بالرابحين والخاسرين في الـ«اتفاق».

غضب النساء سوف يغيِّر العالم الإسلامي

نشر بتاريخ: 29/07/2015 ( آخر تحديث: 29/07/2015 الساعة: 12:37 )
القاهرة - معا - ترى الصحافية المصرية منى الطحاوي المثيرة للجدل في كتابها "الحجاب وغشاء البكارة" أن المرأة تبقى مواطنة من الدرجة الثانية في البلدان الإسلامية طالما لم يكن هناك ثورة حقيقية، رافضة أخذ "الخصوصيات الثقافية" بعين الاعتبار.
تُعتَبَرُ حريَّة المرأة مقياسًا لمدى تحقُّق مفهوم الحريَّة في المجتمع. ويُقصد بالحريَّة دائمًا حريَّةً للجميع - سواء كانت للرجل أو المرأة. لذا كان من المشجِّع في سياق الربيع العربي أنْ صارت المرأة أيضًا تعبِّر عن آرائها بشكلٍ متزايدٍ. بيد أنَّه كان من المحبط أيضًا، أنْ يجري الانتقاص من حقوق المرأة بسرعة، وتحديدًا في تلك البلدان التي علا فيها نداء من أجل الحريَّة بعد فترة طويلة من الاضطهاد الذي ما زال مستمرًا.
سبق أنْ أكَّدت الصحافيَّة المصريَّة شيرين الفقي في العام الماضي 2014 في كتابها "الجنس والقلعة" على ضرورة أنْ تواكب ثورةٌ اجتماعيَّةٌ الثورةَ السياسيَّة، ما يعني في نهاية المطاف ثورة جنسيَّة. منى الطحاوي، وهي أيضًا صحافيَّة مصريَّة أيضًا، تذهب في كتابها "الحجاب وغشاء البكارة؟" الذي تُرْجِم إلى اللغة الألمانيَّة وحمل عنوان "لماذا تكرهوننا إلى هذا الحد؟"، أبعد من شرين الفقي وتقول بجرأةٍ إنَّ الشرق الأوسط بحاجة إلى ثورةٍ جنسيَّةٍ، حيث ترى أنَّ الثورة الجنسيَّة وحدها يمكن انْ تجعل حريَّة المرأة ممكنةً، فتضمن بالتالي تحقيق الحريَّة المنشودة في هذه البلدان.
كرهٌ متأصِّلٌ للنساء
الكتاب استفزازي بدءا من الجملة الأولى: "يجب من حيث المبدأ أنْ نتكلَّم دون مُوَاربة"، هكذا تبدأ منى الطحاوي حديثها في ما تراه كرهًا متأصِّلًا للنساء في العالم العربي. وتضيف: "نحن النساء العربيات نعيش في ثقافةٍ معاديةٍ لنا من حيث المبدأ، ثقافةٌ تتسم باحتقار الرجال للنساء. وهم لا يكرهوننا بسبب حرياتنا، كما تريد أنْ تقول الصيغة الأمريكيَّة المبتذلة بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. بل العكس، إذ ليس لدينا حرِّيات لأنهم يكرهوننا".
تتكلم منى الطحاوي عن تجارب عايشتها شخصيًا، فقد وُلِدت في مصر، بيد أنَّ عائلتها انتقلت إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة وهي في السابعة من العمر، وتقول بهذا الصدد: "كأننا انتقلنا إلى كوكبٍ آخرَ، أشدُّ رغبات سكَّانه عدم وجود النساء".
لذا يركِّز تقويمها النقدي على مصر والسعوية – حتى وإنْ أدخلت غير مرةٍ أرقامًا ومعطياتٍ من دولٍ عربيَّةٍ أو إسلاميَّةٍ أخرى، مثل اليمن ولبنان وسوريا أو السودان.
هوس العفـَّة والإفراط في مَحْوَرَة الجنس
هذه الأرقام والمعطيات دامغة ومحبِطة في نفس الوقت – يود القارئ في بعض الأحيان الاعتراض بعبارة "نعم، ولكن". بيد أنَّ المؤلفة ترفض بالذات هذ العبارة، فلا تعفي دينها من مسؤوليته عن القمع الذكوري (وهي ذاتها التي ارتدت الحجاب طويلًا عن قناعة)، كما ولا تقبل بالأخذ بـ "الخصوصيات الثقافيَّة" بعين الاعتبار.
الحديث عن هذه الخصوصيات لا يدعم بحسب الطحاوي سوى المتشددين والأصوليين الذين يجعلون جسد الأنثى "حاملا ثقافيًا"، فيُلبِسُونه التصورات الذكوريَّة للثقافة. وهكذا تُخْتَزَل النساء إلى مجرَّد غشاء بكارةٍ وحجابٍ، أما العفـَّة والطهارة فهما المذبح الذي تجري عليه التضحية بحياة المرأة إذا اقتضى الأمر من أجل السِمْعة الحسنة فقط: جرائم الشرف، وزواج الأطفال، وتعدد الزوجات، وختان الإناث في مصر، والعنف المنزلي، والتأثير المتبادل بين العنف المنزلي وعنف الدولة. انظروا على سبيل المثال إلى عمليات الاغتصاب في ميدان التحرير وما يسمى باختبارات العذريَّة التي تـُجرى في مصر.
السيطرة الشاملة
تقول منى الطحاوي بوضوحٍ لا لَبْسَ ولا غموض فيه إنَّ الأمر لا يتعلق بالعفـَّة التي يروَّج لها، فقد وقع التحرّش بها جنسيًا وهي شابة حتى في مكة أثناء الطواف حول الكعبة بالرغم من ملابسها المحتشمة. ولم يكُن مسموحًا لها بالحديث عن ذلك. فالأمر يتعلق أساسًا بالسيطرة وبحريَّة تنقُّل الإناث.
تنعت منى الطحاوي ما يسمى قوانين الأحوال الشخصيَّة في المملكة العربيَّة السعوديَّة بسياسة الفصل العنصري بين الجنسين، فالنساء الراشدات يحتجن إلى وليِّ أمرٍ -حتى وإنْ كان الابن القاصر- يتيح لأمه مثلاً الزواج مجددًا؟ وليس لديها للتعليق على هذا إلا كلمات لاذعة: "المتديِّنون المتشدِّدون يُسَخِّفونَ المملكة العربيَّة السعوديَّة. بلدٌ شقَّ في خلال ستة عقودٍ طرقَا سريعةً وعريضةً عِبرَ الصحراء ولديه أفضل شبكات الإنترنت، يسجن نساءه في أجواءٍ قروسطيَّة، والعالم يصمت إزاء ذلك".
ينتمي الغرب وكذلك البقيَّة المسلمة الصامتة إلى هذا العالم. وهي توجِّه إليه كتابها في المقام الأول، حتى وإنْ أشارت بسخريةٍ إلى ازدواجيَّة المعايير الغربيَّة، بحيث سُمِحَ بالذات للمملكة العربيَّة السعوديَّة المعادية للنساء (ولم يسمح لإيران) من شراء حصتها في هيئةٍ مثل "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، التي تعِد بدعم وتشجيع الرياضة النسائيَّة.
تتكلم منى الطحاوي عن تجارب عايشتها شخصيًا، فقد وُلِدت في مصر، بيد أنَّ عائلتها انتقلت إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة وهي في السابعة من العمر، وتقول بهذا الصدد: "كأننا انتقلنا إلى كوكبٍ آخرَ، أشدُّ رغبات سكَّانه عدم وجود النساء".
معايير مزدوجة
ومع ذلك ليس هدفها "أن يأتي الإنقاذ على يد الغرب". بل ترغب في أنْ يصغي الغربُ لتلك النساء ويمنحهن منبرًا. نساءٌ يخاطرن بحياتهن في الكثير من الأحيان، لكي يحصل جنسهن على ما يبدو بديهيًا للرجال: حريَّة التنقّل والعيش كما يردن.
تناولت منى الطحاوي حالات نساءٍ شجاعاتٍ، مثل موكب تلك النساء اللاتي احتججن على حظر قيادة السيارات عليهن في المملكة العربيَّة السعوديَّة، واللاتي أُودِعن إثر ذلك السجن وسُحبت منهن جوازات سفرهن، حالاتٌ تتقاطع مع تجربة المؤلفة الذاتيَّة، ما يضفي على الكتاب لمسةً شخصيَّةً وحيويَّةً. ورسالة الطحاوي للنساء: تحدثن بأنفسكن عن شؤونكن.
ولا تدع منى الطحاوي الرجال جانبًا بالرغم من ذلك، فهي تعلم أنَّ كثيرين منهم أيضًا يعانون من المعايير المزدوجة المتزمتة والمنافقة التي تفرضها ثقافتهم. لذلك ترى أنَّ هناك ضرورةً ماسَّةً للتنوير الجنسي، وذلك للجنسين على عكس (العنوان كما جاء باللغة الألمانيَّة)! لكن إلى حينه سيزداد غضب النساء باضطراد. هذا الغضب، إذا صدَّق القارئ المؤلفة، صار الآن كبيرًا إلى حدٍّ مهول، وسوف يغيِّر الدول الإسلاميَّة عاجلًا أم آجلًا بشكلٍ جذري.
كتاب منى الطحاوي "الحجاب وغشاء البكارة"، ترجمة عنوانه الألماني: "لماذا تكرهوننا إلى هذا الحد؟" من أجل ثورة جنسيَّة للنساء في العالم الإسلامي"، نقلته أورسولا هيلد عن الإنجليزيَّة الأمريكيَّة، النسخة الألمانية صادرة عن دار نشر بيبر 2015 ، 203 صفحات.
المصدر : DW

الأربعاء، 29 يوليو 2015

"عرش وموكب ومصعد" في عطلة الملك سلمان في فرنسا

  • 28 يوليو/ تموز 2015
وصل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى جنوب فرنسا لقضاء عطلة تمتد ثلاثة أسابيع، لكن الملك ليس كأي شخص عادي يقضي عطلة صيفية.
وأعرب السكان المحليون بالفعل عن انزعاجهم بعد غلق شاطئ عام، حتى يتمكن الملك السعودي من قضاء فترات استرخاء، في منطقة تمتد 300 متر حول فيلته الخاصة.
في حين رحبت الكثير من الشركات عن سعادتها لتلبية احتياجات الملك، ويزعمون أن الملك السعودي سيحقق إيرادات المنطقة في أمس الحاجة إليها.
إذن فما الذي تحمله جعبة تلك العطلة الصيفية للملك السعودي؟ لنلقي نظرة.

غرفة (وعرش) وإطلالة على منظر طبيعي

تقع فيلا الملك في منطقة فالاوريس بين صخور الريفيرا في فرنسا
بوصفه على رأس أغنى العائلات الملكية في العالم، ليس من المستغرب أن يكون الملك سلمان من أنصار الإقامة الفاخرة.
وتقع فيلته في منطقة فالاوريس بين صخور الريفيرا في فرنسا، وتمتد لمئات الأمتار على شريط ساحلي خلاب المنظر.
واستضافت الفيلا، التي كانت تعرف باسم شاتو دو لاوريزون (أو قصر الأفق) وبناها المعماري باري ديركس عام 1932، الكثير من الضيوف من المشاهير من بينهم وينستون تشرشل و ريتا هيورث ومارلين مونرو.
وخلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، تستضيف الفيلا عائلة الملك سلمان والمقربين منه مساعديه.
وجرت الاستعدادات وتم إبلاغ المحليين بالأنشطة الواجب عملها في المنطقة.
وصل الملك سلمان وحاشيته إلى مطار نيس يوم السبت على متن طائرتين خاصتين لشركة الخطوط الجوية السعودية.
وتم تركيب نوافذ جديدة وزرع زهور جديدة، كما جرت شائعات تقول إن هناك عرش في شرفة الفيلا حتى يستمتع الملك بالمنظر الطبيعي.
ويرافق المئات من السعوديين الآخرين الملك خلال زيارته وسيلحق بهم آخرون في وقت لاحق.

شبكة مواصلات ممتازة

وصل الملك سلمان وحاشيته إلى مطار نيس يوم السبت على متن طائرتين خاصتين لشركة الخطوط الجوية السعودية.
وكان في استقبال الملك، البالغ من العمر 79 عاما، وضيوفه موكب مؤلف من 10 سيارات لنقله إلى مقر إقامته الخاصة.
ويقول سائقون محليون إنه جرى استئجار 400 سيارة فاخرة على الأقل بزجاج معتم.
وسوف تستخدم السيارات في نقل أقارب الملك وأصدقائه في المنطقة لزيارة المناطق السياحية المحلية والشواطئ.
يقول سائقون محليون إنه جرى استئجار 400 سيارة فاخرة على الأقل بزجاج معتم
وقال أحد السائقين لوكالة فرانس برس :"طلبوا منا أن نذهب بهم إلى المطاعم، أو هم يطلبون زيارة سان تروبيز أو موناكو أو نيس أو فيلات في المنطقة، لأنهم يرغبون في شراء عقارات".

صحبة جيدة

رافق الملك السعودي نحو 1000 شخص من حاشيته
تعد عطلات الصيف فرصة مثالية لقضاء الوقت مع الأسرة والأصدقاء، لكن دعوة 1000 من المقربين والأعزاء ربما يبدو من الأشياء المبالغ فيها.
وسوف تقيم الحاشية الضخمة للملك سلمان من الأقارب والموظفين والمسؤولين العسكريين في مقر الإقامة على الساحل الفرنسي.
في حين تقيم بطانته الداخلية في فندق مطل على البحر، وسيقيم نحو 700 آخرين في فنادق فاخرة في كان.
وأدت الزيارة إلى تعزيز الأمن في المنطقة، وشوهدت شاحنات الشرطة عند مدخل مقر إقامة الملك، في حين شوهد حرس الأمن وهم يسترخون على مقاعد شمسية.
وقد أعرب بعض المحليين عن غضبهم من المبالغة في الاهتمام باستقبال الملك وضيوفه، في حين أعرب آخرون عن سعادتهم بإقامتهم.
وقال سيرج رينار، مدير فندق مونتان الذي حجزت نصف غرفه للسعوديين :"ثمة تأثير اقتصادي علينا، وبالطبع على المطاعم والسائقين وكل الذين يعملون في فيلته، هذا حقيقي".

شواطئ محددة

أغلقت السلطات الفرنسية حاليا جزءا من الشاطئ للسماح للملك سلمان بقضاء عطلته في خصوصية
ويقع شاطئ لا ميرادول إلى جوار مقر إقامته في فالاوريس، وهو عادة من الشواطئ التي تزدحم بالمصطافين وطالبي التمتع بحمامات الشمس.
وقد أغلقت السلطات الفرنسية حاليا الشاطئ للسماح للملك سلمان بقضاء عطلته في خصوصية. كما حظرت السلطات على الجمهور تجاوز منطقة محددة ب 300 متر خاصة بفيلته.
ودفع الإجراء إلى تحرك ما يربو على 100 ألف شخص إلى توقيع عريضة احتجاج على غلق الشاطيء، والإصرار على أن الشاطئ منطقة عامة يجب أن "يظل متاحا لمنفعة الجميع".
وتجوب زوارق الشرطة المنطقة لرصد أي دخلاء إلى المنطقة.
نصبت منصة أسمنتية على الشاطئ لوضع مصعد مؤقت أمام فيلا الملك
وكتبت عمدة منطقة فالاوريس، ميشيل سالوكي، أيضا إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند محتجة على الأعمال غير المصرح بها التي تجري في منطقة الفيلا.
إذ نصبت منصة أسمنتية على الشاطئ لوضع مصعد مؤقت أمام فيلا الملك، وقد وعد السعوديون بإزالتها بعد مغادرتهم.
وكتبت سالوكي "نقدر الأسباب الأمنية ومصلحة الأمة العليا، لكن لا أحد يمكن أن يضع نفسه في حل من قوانين البلاد".
أعرب بعض المحليين عن غضبهم من المبالغة في الاهتمام باستقبال الملك وضيوفه