السبت، 30 مارس 2013


PrintShareComment (0)
Text Size:
 
جامعة أميركية وليست عربية
Wednesday, March 27, 2013 - 09:39 PM


عندما يقود الشيخ حمد آل ثاني رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها الحملة على سوريا في ظل انعقاد مؤتمر القمة العربية في الدوحة، ويقود حملة لطرد سوريا المتمثلة بنظام الرئيس بشار الاسد، واعتبار المعارضة هي الممثل، فان الجامعة العربية كسرت احد جانحيها. وماذا اصبحت الجامعة العربية، والعرب وافقوا قبلاً على غزو العراق الى جانب اميركا، وما تكون الجامعة العربية عندما يتم ابعاد وفد فلسطيني، لان ابو مازن قام بحل حكومة اسماعيل هنية، زعيم حركة حماس الذي نال الاكثرية وألّف الحكومة على هذا الاساس ونال ثقة المجلس التشريعي، ومع ذلك وقفت قطر ومصر وغيرهما من الدول ضد دخول حماس الى الجامعة العربية، وساعدت في قيام ابو مازن بحل الحكومة الفلسطينية المنتخبة ديموقراطيا مع المجلس التشريعي، وقيام اسرائيل بسجن نواب في المجلس التشريعي، اضافة الى عزل حماس في غزة ومحاصرتها، حتى في صيد السمك يمنع على القوارب الابتعاد اكثر من 200 متر عن شاطىء غزة.
امس ضربت اسرائيل الجامعة العربية الضربة النهائية، فبعدما ضربت العراق وجزأته لم يعد عضوا فاعلا في الجامعة العربية، وبعد حرب اليمن وخروج اليمن من الحراك العربي، وبعد زوال دور ليبيا بأي شكل كان وتونس ومصر، باتت الجامعة العربية يديرها جون كيري، فاذا بحمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر يقود الحملة ويعلن من جانب واحد ان الجامعة العربية تعترف بالمعارضة السورية بديلة عن نظام سوريا القائم حاليا، ومن دون ان يطرح الامر للتصويت، اخذ القرار ودعا احمد معاز الخطيب للجلوس في المكان السوري. وكان الامر محضّراً مع البروتوكول القطري، كي يدخل احمد معاز الخطيب بعد دعوة رئيس وزراء قطر، فيما تفاجأت دول واعترضت دول على الامر. ملك الاردن رفع الصوت عاليا وقال لا يجوز ذلك، ان الشعب السوري لم يختر بعد من يمثله ولذلك لا يمكن دعوة المعارضة لتكون الممثل. فعلى اي اساس تعطون مركز سوريا للمعارضة، وبـأي شكل اختارها ولم يرد رئيس وزراء قطر، واضاف ها ان السيد احمد معاز الخطيب ممثل سوريا يمثل سوريا وسيلقي خطابا، اعترض ملك الاردن وخرج مدة 10 دقائق، لحق به المندوب السعودي لبحث الوضع.
اما الرئيس اللبناني ميشال سليمان فكان في وضع حرج، لا هو يريد الخروج ولا البقاء، انما بقي فيما كانت قطر تذبح عضوية سوريا في الجامعة العربية، واية عروبة وجامعة عربية من دون سوريا، واية عروبة وجامعة عربية من دون حماس وارادة الشعب الفلسطيني، وليس حماس كتنظيم اسلامي، بل كمنظمة انتخبها الشعب الفلسطيني بحرية بناء على طلب اميركا جرت الانتخابات، وما هي الجامعة العربية التي يغيب عنها العراق. ورغم ان وزير خارجية العراق جاء فهو جاء عمليا كوزير كردستان، لانه لا يمثل نوري المالكي ولا يمثل شمال العراق ولا جنوبه. ثم ان لبنان يأتي رئيس الجمهورية اليه والخلاف على أشدّه، فهنالك قوى مع سوريا في لبنان، وهنالك قوى ضد سوريا، لكن لا يجب ان يكون لبنان شاهداً على طرد سوريا والسكوت عن الموضوع. على الاقل كان لا بد من تسجيل كلمة واحدة لان مصير لبنان وسوريا مهما مرّ الزمن 1000 سنة و2000 سنة ستبقى سوريا ولبنان في جيرة واحدة وفي مصير واحد. لكن الموقف البسيط لم يتم تسجيله.
كان المطلوب القول مثلما قال ملك الاردن، الذي يقرره الشعب السوري تعتمده الجامعة العربية، لا ما يقتنع به الشيخ حمد آل ثاني، يقرره في الجامعة العربية، ثم يذهب اثناء الفترة ما بين جلسات قمة الجامعة العربية مع احمد معاز الخطيب ليقصّ الشريط ويدخل الخطيب الى السفارة السورية في الدوحة، وذلك في عرف خارج عن البروتوكول، ذلك ان السفارة السورية هي ملك الدولة السورية، ومسجّلة لصالح الدولة السورية على ارض قطر، لكن قطر صادرتها واعطتها للمعارضة.
من حق قطر ان تستشرس ضد سوريا، لكن ليتها تستشرس قليلا ضد اسرائيل او ضد الانحياز الاميركي ضد العروبة، لكن هذا الاستشراس رغم اننا نعترف ان هنالك اخطاء سورية سيرسل الجامعة العربية الى اين! وماذا تكون الجامعة العربية من دون لبنان تقريبا ومن دون سوريا والعراق واليمن وتونس وشلل مصر، لقد اصبحت الجامعة العربية ملحق اخبار في قناة الجزيرة، واصبحت اللعبة الاميركية الصهيونية تدير الامور في الدوحة وتقرر ما تريد.
الرئيس ميشال سليمان وضعه صعب للغاية، لكنه ذهب من لبنان بحكومة مستقيلة، وما زال لبنان يعترف بالنظام السوري، الممثل برئاسة الدكتور بشار الاسد، وسفير سوريا السيد علي عبد الكريم يمثل سوريا في لبنان، والسفير ميشال خوري يمثل لبنان في سوريا. ألم يكن افضل ان يعترض لبنان من ناحية المبدأ على طرد نظام الرئيس بشار الاسد من الجامعة العربية، وتمثيل المعارضة التي لم ينتخبها الشعب السوري، ولم يقرر شيئا بعد ولا هي تحكم جزءا بسيطا من سوريا لتكون الممثل الشرعي للشعب السوري.
قد يكون للمعارضة السورية شعبية كبيرة، وللنظام السوري شعبية كبيرة ايضا، لكن الجامعة العربية لا يجب ان يقودها حمد آل ثاني رجل اميركا والصهيونية في العالم العربي.
جامعة عربية من دون سوريا، لماذا؟ جامعة عربية من دون سوريا وهي جريحة والقتال دائر فيها، وبدل من ان تسعى الدول العربية جدياً لحل المشكلة منذ الاساس، لم تكن ترغب بذلك. وظهر المخطط عبر التمويل وعبر التسليح وعبر وفد المراقبين العرب والجنرال السوداني، الذي قالت عنه قطر، انه منحاز الى سوريا، لانه فقط قال ان هنالك مسلحين في وجه الجيش السوري.
اما وفد المراقبين الاجانب، فكتب تقريرا واضحا موجودا على الموقع الالكتروني للامم المتحدة قسم قوات السلام، يقول فيه ان هنالك مسلحين في سوريا ضد الجيش، ومع ذلك لم يأخذ احد بالامر. ثم تم تكليف الاخضر الابراهيمي من قبل الجامعة العربية والامم المتحدة، فلماذا لم تستمع الجامعة العربية الى الاخضر الابراهيمي قبل ان تقرر من يمثل سوريا في الجامعة العربية. الم يقل الاخضر الابراهيمي انه يلزمنا 100 الف جندي لضبط الوضع بين الجيش السوري والمسلحين، وهل هنالك اوضح من هذا الكلام، من ان هنالك حربا فعلية داخل سوريا، لا يجب ان يتمثل فيها اي طرف. اذا كنا نريد تقرير من يمثل. اما اذا كنا نريد ان نعمل بقانون ونظام الجامعة العربية، فلا يحق لقطر ان تقود حملة ومن دون تصويت فتطرد سوريا من الجامعة العربية، ويدعو الرئيس حمد آل جاسم الخطيب للدخول والقاء الخطاب.
هزلت الامور وضعفت، والمشرق العربي ليس بأمر قطر ولا الصهيونية والاميركيين، ان المشرق العربي سينتفض، ان الزمن الآتي سيشهد ثورة في العراق على كل من يسيطر عليه، ويجعل من العراق مجددا دولة ولكن بعد حين وليس الان، وان سوريا باذن الله ستخرج معافية، لان حيوية شعبها من موالين ومعارضين هم عرب اصيلون يؤمنون بالقومية العربية. اما عروبة قطر فأين هي، في اي كتاب قرأنا عن عروبة قطر، في اي مكتب من البنتاغون رأينا عروبة قطر، في اي قصر لرئيس وزراء قطر في نهاريا رأينا عروبة قطر، في اي موقع رأينا عروبة قطر الا انها قدمت 300 مليون دولار بعد حرب تموز وجاء امير قطر يدشن ما قدمته قطر، وليتنا لم نتلقَ المبلغ ولا نريده، وليتنا معنا المال لندفعه لقطر ونردّ لها هذه الهبة المسمومة.
جامعة عربية من دون سوريا ومن دون العراق المجزأ واليمن المقسوم وسوريا المشتعلة، ولبنان المنقسم على نفسه سياسياً الى حد الاشتباكات الداخلية، هي جامعة عربية تحتاج الى العودة الى القومية العربية، لا الذهاب الى الاسلام السياسي، لقد الغوا العروبة ووضعوا مكانها الاسلام السياسي، وارادت اميركا والصهيونية تحويل العالم الى الاسلام السياسي لالغاء الهوية العربية. ووضعت العالم العربي بين ثلاث دول للسيطرة عليه، هي ايران وتركيا واسرائيل.
ونحن لسنا ضد تركيا او ايران، لكننا نقول بالوضع الجغرافي السياسي للمنطقة، لان زخم التاريخ والدول التي صنعت الحضارات كانت ما بين النهرين الى اوغاريت، في رأس شمرة على اللاذقية، الى ابلة الى تدمر، الى قلعة دير الزور، الى مزار الكنعانيين على الحدود العراقية السورية في منطقة ابو كمال، حيث وجدت الأواني والصحون النحاسية التي كانت تستعمل هناك، ذاتها التي كانت تستعمل في صيدا وجبيل وفي فلسطين.
سيعود المشرق العربي، واطردونا من صفوفكم، فصفوفكم لا تشرّفنا، وأنتم كناية عن متآمر ليس انساناً يحمل على ظهره ذهباً. ولولا الغاز والنفط عندكم ماذا كنتم تمثلون. هل في بلادكم قلعة واحدة عمرها 50 سنة، لتأتوا وتشطبوا من الخريطة العربية دولة حضارتها تعود الى 4500 سنة، وتشطبوا العراق وحضارته تعود الى 7 آلاف سنة، في بابل ونينوى والفرات.
اشطبونا فنحن نعيش الزمن الرديء، ولكن من قلب المرارات، من صلب الأزمات، من رحم الوجع يأتي الانتصار، وسنعود الى العروبة الحقيقية، واما الذين ينفذون مخططات صهيونية واميركية، فمصيرهم عبيد لتلك الدول، اما العرب الاحرار فجبينهم مرفوع، جاءت اميركا وخرجت من العراق، ورغم تقسيمه ها هو العراق يرفع رأسه والجندي الاميركي ينسحب الى بلاده مذلولا، وفي افغانستان الامر ذاته. وفي فلسطين فعلت كل ما تريد اسرائيل وكل ما في استطاعتها، ولم تستطع اسكات صاروخ من غزة او من سيناء او من حزب الله، او توقيع سوريا على سيادة اسرائيل على بحيرة طبريا.
من رحم الوجع سيأتي الانتصار.


شارل أيوب 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق