الثلاثاء، 12 مارس 2013


سيد إمام: من يتولى منصب الرئاسة «كافر» لأنه لا يطبق الشريعة.. ومن انتخبه «خارج عن الملة»

مؤسس تنظيم الجهاد ومفتى الجهاديين فى العالم لـ«الوطن»: «حازمون» وحزب «الوطن» و«جبهة الضمير» أقنعة من صنع «الإخوان»
كتب : محمد مقلدالثلاثاء 12-03-2013 11:23
سيد إمامسيد إمام
هو المؤسس الأول لجماعة تنظيم الجهاد فى مصر، و«فقيه تنظيم القاعدة»، و«مفتى المجاهدين فى العالم»، حسب وصف مجلة «المجاهد» التى كانت تصدر فى لندن، كما أنه صاحب «وثيقة ترشيد العمل الجهادى»، التى تعد نقطة فارقة فى تاريخ الحركات الإسلامية. يحمل الدكتور سيد إمام شريف، الملقب بالدكتور «فضل» من الأفكار الفقهية ما جعله يختلف فى كثير من القضايا، مع معظم التيارات الإسلامية، وله من المؤلفات عدة كتب، أهمها «الجامع فى طلب العلم» و«العمدة فى إعداد العدة»، والتى استغلتها الجماعات الإسلامية فى البداية لتبرير أعمال العنف، فيما اختارته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية ضمن أفضل 100 مفكر إسلامى فى العالم لعام 2009. يصف «إمام» الإخوان والسلفيين بأنهم مجموعة من «المتاجرين بالدين»، مفتياً بـ«كفر» كل من عمل بالسياسة، وعلى رأسهم الرئيس نفسه، لأنه يرى أن السياسة تخالف شرع الله تعالى. وفى هذه السطور تحاور «الوطن» الرجل الذى أثار كثيرا من الجدل بين أنصاره وخصومه، فى وقت واحد.
■ كيف تقرأ المشهد الحالى فى ظل أحداث العنف وموقف مؤسسة الرئاسة فى التعامل معها، لاسيما أن لك رأيا خاصا فى الرئيس والإخوان؟
- أولاً ليس بغريب ما تمر به البلاد حالياً من فوضى عامة، وأعمال عنف هنا وهناك، ما دامت الشريعة الإسلامية لم تطبق حتى الآن، فهذا نتاج طبيعى لدولة الديمقراطية، التى يبحث عنها مرسى وجماعته، التى استغلت الدين للوصول لمطامعهم السياسية، فما يحدث هو بداية حقيقية لانهيار الدولة المصرية بالكامل، ولا توجد أى حلول للخروج من الأزمة الراهنة.
أسامة بن لادن
■ معنى كلامك أن مصر ستظل حالة الفوضى مسيطرة عليها، ما دامت الشريعة لم تطبق؟
- بالطبع عدم تطبيق الشريعة الإسلامية من أهم أسباب وصولنا لهذا الحال المتردى، لكن هناك سبباً آخر يتمثل فى وصول جماعة الإخوان للحكم، والتى لا تحمل أى أفكار حقيقية لإدارة البلاد، وتسير بنهج «نفسى نفسى ومن بعدى الطوفان»، حتى لو أدى ذلك إلى إسقاط الدولة المصرية نفسها، فمصلحة الجماعة لا تعادلها أى مصلحة أخرى، ولو جاءت على حساب شعب بأكمله، وقد ظلت الجماعة تتغنى بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى تتلاعب بوجدان وعاطفة الشعب المصرى الذى يميل للتدين بطبعه وللأسف هناك من التيارات الإسلامية من بلعوا الطعم وساروا فى ركب الإخوان حتى أصبحوا جميعاً مشاركين فى الحالة التى وصلت لها البلاد، وأصبحوا جميعاً عند الله تعالى فى حكم من خرجوا من ملة الإسلام.
■ لكن حلم جميع التيارات الإسلامية الوصول لسدة الحكم لتحقيق المشروع الإسلامى، وها هى جماعة الإخوان وصلت ولم تفعل شيئاً؟
- للأسف الشديد التيارات الإسلامية انخدعت فى الإخوان والسلفيين الذين صدعوا رؤوسنا بمشروع إسلامى وهمى، لا وجود له على أرض الواقع، فهم فى حقيقة الأمر مجموعة من المتاجرين بالدين يخدعون الناس باسم الدين للهث وراء المناصب، حتى أصبحوا أعداء للإسلام والثورة المصرية، وهذا ما سأكشفه للرأى العام من خلال كتابى الجديد «أعداء الإسلام والثورة فى مصر» الذى سيصدر خلال عدة أيام.
«المشروع الإسلامى» وهم كبير.. والتيارات الإسلامية انخدعت فى الإخوان والسلفيين.. و«الجهاد» أخطأ فى استخدام العنف لتغيير النظام
■ إذن، كيف تحقق التيارات الإسلامية حلم معظمهم تطبيق الشريعة وإحياء دولة الخلافة من جديد؟
- التيارات الإسلامية فى مصر ظلت لأكثر من 100 عام، وهى تبحث عن تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر، لكنها فشلت فى هذا المبتغى، لأنها ببساطة شديدة اعتمدت فى هذا الأمر على العاطفة الدينية فقط، دون أن تفكر فى إصلاح دينى حقيقى على أرض الواقع، وها هى جماعة الإخوان المسلمين التى ظلت طيلة 80 عاماً تنادى بتطبيق الشريعة، وعندما وصلت للسلطة، حكمت بقوانين وضعية تخالف شرع الله تعالى، فجميع التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة حالياً ينطبق عليهم قوله تعالى «نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ».
■ ألا ترى أن تطبيق الشريعة بشكل مفاجئ صعب التحقق.. وأن التدريج الذى ينادى به الإخوان والسلفيون أكثر قبولا؟
- التدرج فى تطبيق الشريعة حجة من حجج هؤلاء، الذين يماطلون فى تطبيقها، فعندما فتح عمرو بن العاص مصر، كان الشعب المصرى معظمه من الأقباط والوثنيين، والمجتمع وقتها كان غير مهيأ بالمرة لتطبيق الشريعة الإسلامية، ومع ذلك تم تطبيقها، أليس من اليسير تطبيق الشريعة حالياً فى ظل مجتمع 95% منه مسلمون، ولو أراد الرئيس مرسى تطبيقها لفعل، لذلك أنا أرى أن حكم الله على الأرض لتلك التيارات التى تماطل فى تطبيق شرع الله الخروج من ملة الإسلام، لقوله تعالى «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».
إقامة دولة الإسلام فى مصر «مستحيلة».. وتطبيق الشريعة تدريجياً «تلاعب بالعقول».. وما يحدث بداية لانهيار الدولة
■ معنى ذلك أنك تستثنى بعض التيارات والأحزاب الإسلامية التى تطالب «مرسى» دوما بتطبيق الشريعة؟
- يا أخى الكريم معظم التيارات الإسلامية التى تشاهدها على الساحة ما هى إلا مجموعات ترتدى أقنعة، وعندما تكشف عنهم تلك الأقنعة يخرج لك الإخوان، وعلى رأسهم حركة «حازمون» وحزب «الوطن» السلفى، وأضف إليهما «جبهة الضمير» وإن كانت الأخيرة تضم بعض القوى الأخرى، ففى النهاية كل هذه التيارات من صنع الإخوان، وظهرت لخدمة مصالح الجماعة، ولا يهمهم تطبيق الشريعة من عدمه.
■ هناك اتهام للرئيس بإصدار «دستور إسلامى» ألا يعد ذلك اللبنة الأولى لإقامة الدولة الإسلامية؟
- نحن أمام أمر مخالف لشرع الله، فصياغة دستور يفصل لنا القوانين الوضعية، كفر بما أنزل الله تعالى من شرائع وحدود، فواجب المسلم ليس إقامة الدولة الإسلامية فحسب بل منع كل ما ينافى الشريعة الإسلامية، فليس هناك مبرر للبحث عن إنشاء دولة إسلامية على حساب الحفاظ على أول واجب دينى وهو «التوحيد وعدم الشرك بالله»، فمن يتحدث عن تطبيق الشريعة، على مراحل، أو بصورة تدريجية بحجج واهية يتلاعب بعقول الناس، فالنبى الكريم رفض تولى الحكم على كفار قريش مقابل السكوت عن دعوته، التى تمثل الحق والهدى، فهذا هو المعنى الحقيقى للإصلاح الدينى، لأن الشرك يفسر كل أعمال الإنسان من صلاة وصيام وزكاة وحج ولهذا قال تعالى «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ».
■ هل ترى أن هناك فرقاً بين رجل الدين ورجل السياسة؟
- بالطبع الفرق شاسع بين الاثنين، فرجل الدين يقول الحق، ولو تفرق عليه الناس، فالرسول الكريم يقول «يأتى النبى يوم القيامة وليس معه أحد» فليس من المعقول أن نصف ذلك بالفشل لأن الله تعالى لن يسأله عن عدد أتباعه، ولكن سيسأله هل بلغ الحق أم لا؟ فى حين أن رجل السياسة مهمته تنحصر فى جمع الناس حوله، ولو بالزور والضلال، وفى النهاية يطلقون على ذلك الوسطية، كما يدعى الإخوان وهذا هو الفرق بين الإخوان وتنظيم الجهاد.
■ عارضت بشدة فتاوى إباحة دماء معارضى مرسى فى جبهة الإنقاذ، هل توافقهم آراءهم فى الرئيس؟
- لست مع «جبهة الإنقاذ» أو غيرها من المعارضين للرئيس مرسى، ولكننى أرفض وبشدة من يطلق فتاوى بتطبيق حد الحرابة وإباحة دم المعارضين لسلطة هى فى الأصل لا تطبق شرع الله، فالدولة أصلاً لا تحكم بالحرابة، حتى يتم تطبيقها على أحد، فبدلاً من الخروج بتلك الفتاوى لمساندة السلطة بأمور زائفة، كان من الأجدى بأصحاب تلك الفتاوى مطالبة الرئيس بتطبيق الشريعة الإسلامية أولاً.
■ رغم أنك ترى أن تقلد منصب الرئاسة كفر، كنت من معارضى الخروج على الرئيس مبارك أثناء اعتقالك بسجن العقرب؟
- يجب أن نفرق بين أمرين، وهما تكفير الحاكم والخروج عليه، فكنت أرى أن الرئيس السابق حسنى مبارك كافر كفرا فاق حد الخروج عن الملة، وأن رفضى الخروج عليه لعدم الاستطاعة، لأن «المفسدة أكبر من المصلحة»، فعدم الخروج على الحاكم ليس بالضرورى أن يبنى على إقرار الأوضاع القائمة والمخالفة لشرع الله تعالى، فالقاعدة الفقهية تقول «إذا لم تستطع أن تزيل المنكر فزل عنه».
رفضت القيام بأعمال جهادية داخل مصر عام 92.. وهذا سبب خلافى مع «بن لادن والظواهرى»
■ ما رأيك فى ثورة يناير؟ وهل ترى أنها حققت أهدافها؟
- أهم ما فى تلك الثورة أن القوى الشعبية نجحت فيما فشلت فيه التيارات الإسلامية من استخدام العمل المسلح على مدار 80 عاماً، والدليل على ذلك أن تلك القوى نجحت فى إزاحة نظام مستبد حاولت الحركات الإسلامية إزاحته بالمواجهات المسلحة وفشلت.
■ أنت تقر بفشل العمل المسلح الذى اعتمدته التيارات الإسلامية عبر تاريخها؟
- بالفعل أخطأت حركة الجهاد الإسلامى وغيرها فى استخدام العنف لتغيير النظام بالقوة، ولو عاد بنا الزمن مرة أخرى ما فعلنا، ويجب أن نعترف أن هناك أخطاء وقعت فيها الحركة الجهادية فى مصر على رأسها اغتيال السادات لأن هذا الأمر جعل جماعات الجهاد تحت المراقبة على طول الخط، كما أن عملية الاغتيال تمت بعشوائية ودون التخطيط لها.
■ هل تتوقع أن يعود منهج العنف إلى الجماعات الإسلامية مستقبلاً؟
- أتوقع أن تبتعد الجماعات الإسلامية عن فكرة استخدام العنف مرة أخرى الذى أثبت فشله على مر العصور، لذلك قدمت وثيقة «ترشيد العمل الجهادى» وهى تختلف بصورة كاملة عن مراجعات الجماعة الإسلامية التى تمت تحت مرأى ومسمع من جهاز أمن الدولة وهو صاحب تسميتها بالمراجعات.
الرئيس الراحل محمد أنور السادات
■ ما الفرق بين وثيقتك ومراجعات الجماعة الإسلامية لنبذ العنف؟
- مراجعات الجماعة الإسلامية قامت على مبدأ التبرير، فمثلاً كتبهم القديمة كانت تقوم على هذا المبدأ كما حدث فى تبريرهم لمجزرة مديرية أمن أسيوط عام 1981، أما كتبهم الحديثة فكانت تبريراً للمصالحة مع النظام حتى لا يتعرض أعضاء الجماعة للهلاك، لا سيما وأنهم لم يقبلوا «المراجعات ونبذ العنف» إلا بعد القضاء على أفراد جناحهم العسكرى، وكشفت فى كتابى «الجامع فى طلب العلم الشريف» عدة أخطاء وقعت فيها الجماعة الإسلامية فى مراجعاتها موجودة حتى الآن، أما وثيقتى فلم أعتمد فيها على التبريرات ورصدت فيها أسباب نبذ العنف دون أى مزايدات، ووضع «الجهاد» فى صيغة معينة له شروط خاصة للقيام به، لا سيما أن العمل المسلح لم يحقق الهدف منه كما قلت سالفاً.
■ كان لكتابك «الجامع فى طلب العلم الشريف» رد فعل قوى من أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الحالى، الذى رد عليك بكتاب آخر، رغم أنكما كنتما صديقين وزميلى دراسة بكلية الطب، فهل هذا الموقف سبب الخلاف الذى نشب بينكما عام 1992؟
- بالفعل عندما ألفت كتابى «الجامع فى طلب العلم الشريف» عام 92 رصدت فيه أخطاء الجماعات الإسلامية فى مراجعاتهم وأسباب فشل العنف، لم يعجب الكتاب أيمن الظواهرى القيادى بتنظيم القاعدة الذى سطا على الكتاب وحذف ما يقرب من نصفه وغيّر الغلاف بكتاب جديد وضع اسمه عليه، وأطلق عليه اسم «التعرية» لمهاجمة أفكارى فى هذا الكتاب، الأمر الذى دفعنى إلى تأليف كتاب آخر جديد تحت اسم «تعرية التعرية» للرد على الظواهرى، ومع ذلك لم يكن ذلك هو الخلاف الوحيد بينى وبين قيادات تنظيم القاعدة، لكن هناك خلافاً أكثر عمقاً حيث رفضت خلال عام 1992 القيام بأعمال عنف داخل مصر وهو ما أغضب أسامة بن لادن والظواهرى، مما دفعنى للابتعاد عنهما والسفر للعمل فى مجال الطب بدولة اليمن فى الوقت الذى أسس فيه بن لادن والظواهرى «الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والصليبيين».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق