الجمعة، 18 أبريل 2014

لا توجد أموال للجامعة ولا للزواج ولا للفرفشة والهرب
جناية حماس على الغزيين، محسوبية وفقر وعزلة ..فأي حياة نعيش؟
18/04/2014 [ 11:31 ]
الإضافة بتاريخ:
جناية حماس على الغزيين، محسوبية وفقر وعزلة ..فأي حياة نعيش؟

الكرامة برس- غزة- لم تكن الحياة بهذه القتامة قط لأسرة مصطفى المكونة من سبعة أفراد يتكدسون في بيت رث من غرفتين في مخيم جباليا بقطاع غزة.
فبعد حصار اسرائيلي مستمر منذ سبع سنوات وحملة مصرية خانقة بدأت قبل عشرة أشهر تبخر النمو الاقتصادي في غزة وقفز معدل البطالة إلى نحو 40 في المئة بنهاية العام 2013.
ودفع خلاف حركة حماس التي تدير القطاع مع جيران القطاع إلى فرض حجر على غزة قطع الصلة بين سكانها وعملية السلام المتعثرة وتترك لهم المجال لتحميل المسؤولية لعدد كبير من الأطراف.
وتعيش أسر مثل أسرة مصطفى على مساعدات الامم المتحدة وما توزعه من أرز وطحين (دقيق) ولحوم معلبة وزيت دوار الشمس وخدمات محدودة للرعاية الصحية ومياه الشرب النقية. وتبدو هذه الأسر وكأنها من اللاجئين الدائمين من أراضي الأجداد التي أصبحت الآن جزءا من اسرائيل إذ لا تملك مالا ولا وظائف ولا أمل.
وقال طارق (22 عاما) "نحن نغرق. نحن نشعر ان العالم كله مسلط علينا. لما افتح التلفزيون واشاهد الناس كيف يعيشون أفكر وأقول يا رب ساعدني على الخروج من هذا المكان."
وعلى أسرة مصطفى أن تنتقل من المكان عندما يسقط المطر ويغمر أرض البيت الواقع في منطقة منخفضة. فحتى في أي يوم مشمس تتصاعد رائحة العفن من جنباته. وتعاني الأسرة الان من انقطاع الكهرباء لفترة تصل الان إلى 12 ساعة يوميا في مختلف أنحاء القطاع بسبب نقص الوقود.
ويتساءل طارق "لا توجد اموال للجامعة ولا لكي أتزوج. ولا يوجد حتى شيء أنفقه خارج الدار حتى أغير الجو وأهرب من الواقع. ما هذه الحياة."
ويحصل أكثر من نصف سكان غزة على الغذاء من الامم المتحدة كما أن الاعداد في ازدياد.
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تتولى تزويد اللاجئين بالغذاء والمسكن إنها الان تتولى تغذية نحو 820 ألفا بزيادة 40 ألفا عن العام 2013. ويقدم برنامج الغذاء العالمي مساعدات غذائية لنحو 180 ألفا آخرين من سكان القطاع.
صدمة للسكان
وأكثر من 1.2 مليون فلسطيني من بين سكان القطاع الذين يبلغ عددهم 1.8 مليون نسمة لاجئون أو من نسل لاجئين فروا أو أرغموا على ترك أراضيهم التي أصبحت جزءا من إسرائيل في حرب 1948.
وبمرور السنوات اشتدت قبضة الاحتلال أو خفت عبر الحروب والانتفاضات. وببطء تحولت مجموعات الخيام إلى مبان خرسانية لتتحول إلى ثمانية مخيمات حيث فرص التغيير محدودة وضيقة ضيق أزقة المخيمات.
وقال سكوت اندرسون نائب مدير العمليات في أونروا مشيرا إلى أن مستوى الاعتماد على المساعدات في غزة ليس له مثيل يذكر في العالم "غزة تبدو وكأنها في حالة انحدار متواصل في وهد الفقر وتدهور الاقتصاد."
وقال "من حيث الصدمة الاقتصادية للسكان ربما كانت سيراليون هي المكان الوحيد الذي يعيش فيه الناس ما يعيشه سكان غزة بشكل يومي."
وتطحن الأزمة أكثر سكان القطاع عرضة للتأثر بالوضع الاقتصادي لا بين الفقراء فحسب بل والمرضى أيضا. ورغم أن مؤشرات الصحة الاساسية والاقتصاد تفوق مثيلاتها في جانب كبير من أفريقيا فإن تزايد مستوى الاعتماد على المساعدات والإحساس بالعجز عن الحركة لهما أثرهما المتواصل.
وقالت إيمان شنن رئيسة جمعية لدعم مرضى السرطان في غزة إن العلاج أصبح مشكلة كبيرة بسبب قيود السفر المفروضة على الحدود المصرية ونقص الادوية والبيروقراطية.
وقالت شنن التي كانت مصابة بالمرض وشفيت منه "نحن متجهون إلى كارثة. خمس حالات جديدة تأتي إلى المكتب كل يوم.. والسرطان لا يقتل بقدر ما تقتل الظروف المحيطة بنا. فالناس يمكنها النجاة من السرطان لكن ليس من هذه" الظروف.
ويوجد في القطاع 13 ألف مصاب بالمرض الذي يعد ثاني أهم أسباب الوفاة بين الفلسطينيين بعد أمراض القلب.
وتشكو فرحة الفيومي المصابة بسرطان الثدي وهي من مخيم الشجاعية للاجئين في وسط غزة من ومضات ألم في أسنانها إذ إن الادوية المستخدمة لدرء آثار العلاج الكيماوي على مدى سنوات ليست متوفرة في غزة.
كان المعبر الحدودى إلى مصر المخرج الوحيد للراغبين من سكان غزة في العلاج بالخارج لكنه لا يفتح الان للناس بمن فيهم المرضى إلا يومين تقريبا كل شهر. كما أن تزايد الفقر قلل عدد العابرين.
وقالت فرحة الفيومي الأرملة المنتقبة وهي أم لثمانية أطفال "لم أتمكن من السفر إلى مصر منذ عام ونصف.. لا أستطيع توفير نفقات العلاج في الخارج."
وكانت اتفاقيات أوسلو للسلام الموقعة عام 1993 جعلت العلاج أصعب من ذي قبل لسكان غزة لان الجانبين اتفقا على أن العلاج الكيماوي والاشعاعي يمكن أن يكون له استخدامات عسكرية.
وقالت شنن بنبرة متشائمة إنه لم يعد في غزة سوى خمسة أطباء من المتخصصين في الأورام.
المسؤولية على من تقع؟
وفي الاراضي الزراعية بشمال غزة يحمل محمود حركة حماس مسؤولية جانب كبير من المعاناة.
ويقول محمود (23 عاما) الذي تخصص في الدراسة لكي يكون كهربائيا ثم تعلم قيادة الشاحنات لكنه لم يجد عملا لا في هذا ولا ذاك "هل تتغير الأمور بالنسبة لجماعتهم؟ لما تتوفر وظائف جديدة تكون من نصيبهم. هم لا يعانون."
وتنفي حماس اتهامات بوجود فساد وتقول إنها تحكم بشفافية وتلقي المسؤولية عن مشاكل القطاع الاقتصادية على اسرائيل.
ويجلس والد محمود وهو مزارع بجلبابه البني الفضفاض وقد وضع عصاه على ركبتيه في مقصورة مشمسة بجوار بيت الأسرة.
يتذكر الوالد البالغ من العمر 67 عاما البساتين التي كانت في ارضه البالغة مساحتها 180 ألف متر مربع على امتداد حدود اسرائيل حيث كانت تنمو أشجار الزيتون والليمون والبرتقال حول بئر للمياه العذبة.
ولم يبق من البستان الان سوى حديقته الصغيرة بعد أن جرفته اسرائيل وسط أعمال عنف عبر الحدود عام 2008.
وفي الحديقة توجد شجرة من كل نوع من الأشجار التي كان يعتني بها لتذكره بما فقده وبالتآكل المستمر للارض والأرزاق الذي عاشه الفلسطينيون على مر السنين.
وجعل تلوث الخزان الجوفي مياهه غير صالحة للشرب وتتكبد الأسرة كلفة تنقيتها.
وقال والد محمود "من بعد ما أغلقوا منطقة أرضي، انتهت الحياة." واضاف "كنا نبيع فاكهة من أشجارنا واليوم نشتري من مصر ومن اسرائيل.. وطبعا هذا حسب الاستطاعة."
والاستياء من عجز القادة شائع بين السكان لكن كثيرين يقولون إن أهل غزة سيقفون وراء حماس بسبب تشددها.
وقال زكريا الشرفا الذي يعمل سائقا وهو يتسلم حصة أسرته من المساعدات الغذائية في مركز مزدحم للتوزيع بجوار مخيم الشاطئ "العالم كله ضدهم. هم ليسوا ملائكة بالطبع ويرتكبون كثيرا من الأخطاء ولكن لو قاموا بالاعتراف باسرائيل فإن الناس سوف تبصق عليهم وسوف تتبخر شعبيتهم."
وأضاف "أنا لا أرى في الأفق أي ثورة ضدهم مع اني متأكد بأن ذلك هو أحد اهداف الحصار الاسرائيلي ولكنني أقول لا فائدة (من الحصار) فنحن متعودون على ذلك."
أما محمود فيتحسر على التدهور المستمر بسبب الأزمة الاقتصادية وعلى أحلامه التي كان من الممكن أن يحققها.
ويقول محمود "في ظل هذا الوضع يكثر الحقد بين الناس والحسد.. هناك شباب يتعاطى ترامادول (مخدر) وهناك سرقات.. هذه الأمور لم تكن تحصل.. عندما تكون شابا يستبدّ السؤال هل عندما أكبر سأكون قادر على الحصول على فرص اكثر للعمل.. هل العالم سيكون مفتوحا أكتر أمامي. لكن هنا كلما كبرنا نشعر أيضا بأن مشاكلنا تكبر معنا."
____________________
ع.م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق