السبت، 5 أبريل 2014

تفسير جنسي للإرهاب الديني
05/04/2014 [ 08:15 ]
الإضافة بتاريخ:
سعد القرش

يوما بعد يوم، يتأكد لأصدقائي صدق مقولة أن عدم التحقق الجنسي يفتح طريقا لارتكاب الجرائم. عدم التحقق يدفع صاحبه لإلقاء الاتهام على الجميع، بداية من الله نفسه. يصور له خياله المريض، نصف الخيال، أن الله ترك الكون يجري لمستقر له، وتفرغ لإحباط مشاريعه الشخصية.
غير المتحقق لا يتصالح مع نفسه ولا يتسامح مع الآخرين. لا يستطيع أن يعلن الحرب على الله، ولا يمكنه أن يكسب هذه الحرب إذا أعلنها، وبدلا من ذلك يوجه الكراهية نحو الانتقام من الناس، في محاولة يائسة للشعور بالتحقق.
كارهو الحياة، أعداء البشر، نفوسهم متصحّرة، غير قادرين على الاستمتاع بنصيبهم من الدنيا، ويعزون أنفسهم بطابور من الحور العين والولدان المخلدين “وأنهار من خمر لذة للشاربين”. يرث الجيل الجديد هذه الكراهية، ويتطرف أكثر بالتقرب إلى رب الدم بمزيد من الدماء، يحارب الجميع بعد أن فشل في الحب. إمّا الحرب وإمّا الحب.
يتشابه القتلة باسم الله. لا تحمل ملامحهم جغرافيا بلادهم، وإنما جينات عدوانية لا تفرق بين مصر وأفغانستان. لم أقرأ رواية “حجر الصبر” للأفغاني عتيق رحيمي، وقد قابلته في الهند والجزائر وأبوظبي، ثم شاهدت فيلمه “حجر الصبر”، بطولة الإيرانية الجميلة “جلشيفته فراهاني”. هنا أفغانستان، اختفى الحب وحضرت حروب الطوائف. يعجز القادة عن الحب فيعتدون على النساء ويعانون الغيبوبة.
وسط مثلث العجز والعدوان والغيبوبة توجد زوجة شابة، لم تحظَ يوما بقبلة من زوجها الواقع في غيبوبة، فلا يموت ولا يحيا، بعد استقرار رصاصة في رقبته، وإصابته بموت سريري، وتخلى عنه رفاقه تاركين جسده المقبل على الموت بين أيدي طفلتين وزوجة تمرّضه بصبر، وتحكي عن عالم يحكمه رجال مدججون بالسلاح والأيديولوجيا، فشلوا في ممارسة الحب فأجادوا صناعة الحروب.
“حجر الصبر” في أسطورة أفغانية هو مستودع أسرار وهذيانات. وقد أصبح الزوج “حجر الصبر” لزوجته، فتعترف له بأسرار عن أسرتها وعن علاقتها به وبغيره من الرجال. إذا سقط أحدهم فهو مباح، يباح عرض زوجته ويباح ماله؛ فالزوج الذي كان مقاتلا يقتحم مسلحون بيته، وينتزعون الخاتم من إصبعه والساعة من يده، وحين تعود الزوجة تفاجأ برجوعهم، ويطلبها “كبيرهم”، فلا تجرؤ على الدفاع عن نفسها بالخنجر، وينقذها قولها إنها بغي: “أبيع جسدي”، فيخاف الإصابة بعدوى المرض، ويهددها بالرجم، إذ كيف تبيع جسدها “والمجاهدون يقتلون؟” المجاهدون يفضلون العذراوات، اغتصاب العذراء “يجعلهم يشعرون بالفخر والثقة بالذات ويزيدهم قوة”.
القتلة باسم أي دين هم ضحايا لفقر الخيال. منذ تأسست جماعة الإخوان عام 1928 لم يخرج منها فنان، أديب، شاعر، مخرج، ناقد أو باحث أصيل. هم يكرهون الفنون، ليس لأنها محرمة في الإسلام، وإنما حقدا على من وهبهم الله خيالا غير محدود. وقبل أن ينتمي إليهم سيد قطب قال: “كلما ولد أديب عظيم ولد معه كون عظيم، لأنه سيترك للإنسانية في أدبه نموذجا من الكون لم يسبق أن رآه إنسان”. (سيد قطب: النقد الأدبي، أصوله ومناهجه).
ولم يكن مصادفة بدء محمد مرسي حملته الانتخابية من مسجد عمرو بن العاص في القاهرة، وإعلانه يوم 30 أبريل 2012: “سوف نعيد فتح مصر”، وهو تصريح يهين المسلمين المصريين، ويقلق موتى رحلوا على غير “دين الإخوان”. لا يختلف هذا كثيرا عما فعله الرجل الأبيض، قبل 500 عام، حين غزا العالم الجديد تحت ظلال الكتاب المقدس، غير مبال بصرخة الأبرياء في (خطبة الهندي الأحمر قبل الأخيرة) بصوت محمود درويش: “ألا تحفظون قليلا من الشعر كي توقفوا المذبحة؟ ألم تولدوا من نساء؟ ألم ترضعوا مثلنا حليب الحنين إلى أمهات؟”
لا يحفظ الإخوان إلا أناشيد حماسية تشجع على القتل وتغيب العقول، فلا مجال لنفس لوامة. يكرهون الفنون.. شعرا وغناء وموسيقى ونساء، وتخلو حياتهم من قصة حب تنير لهم طريق الدنيا إلى الآخرة. الإيغال في الدم هوس يصيب العمي في ضلالتهم، فيظن قتلة ضابط في المنيا (أغسطس 2013) أن جثته صراط مستقيم إلى الجنة، ويرددون: “الله أكبر”، هو نفسه الله الذي حرّم إهانة العدو الأسير والتمثيل بجثته، ولكن أهل اليقين ينطبق عليهم قول ابن سينا: “بلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد سواهم”.

روائي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق