الكلباني ..
إن كان علماء الشيعة كفار بنظر الشيخ عادل سالم الكلباني إمام الحرم المكي في تصريحاته التي أدلى بها لتلفزيون البي بي سي يوم الثالث من شهر مايو/مايس 2009 ، فإنّ أم المؤمنين عائشة قد كفـّرت خليفة المسلمين في زمانها عثمان بن عفان معلنة "أقتلوا نعثلاً فقد كفر!" وهي تعلم أنه من العشرة المبشّرين بالجنة! فبأيهما نأخذ كمنهج إفتائي شرعي إسلامي؟ أنأخذ بكلام الشيخ الكلباني الذي كفـّر بموجبه علماء الشيعة أو كلام أم المؤمنين عائشة الذي كفـّرت فيه الخليفة عثمان بن عفان؟ وبأيهما نأخذ ميزانا في التكفير: أمر معاوية بن أبي سفيان بن الطلقاء بسبّ الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب عليه السلام على منابر المسلمين أيام حكم بني أمية – الذي استمر لأكثر من 83 عام – أم نأخذ بكفر من اتفق في الحديث أنه " من سب علياً فقد سبّني". فهل الترضي على معاوية من باب الموأساة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله أم أنه هوى سياسي أمر به السلطان؟ وما هو الميزان المتبع في التكفير؟ أهو مزاج السلطان أم عدالة رسالة الإسلام؟.
وهذا القرآن الحكيم يصدح بأنّ " الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " و " إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار" .. أم يرى الشيخ الكلباني أنه هو بالذات ليس من الأعراب الذين عناهم القرآن؟ فليأت بالدليل أنه ليس من الأعراب! وعندما تآمر أكثر من 12 ملثماً على تنفير ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونجّاه الله بإطلاعه على خطتهم وأبلغ أسماءهم حذيفة بن اليمان ليكتمه سراً ، فكان الثاني منهم دائم الإستفسار من حذيفة: أأنا منهم؟! فهل جاء هؤلاء من بلاد الروم أم أنهم كانوا أعرابا ؟.
فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا. فليعلمنا الشيخ الكلباني ومن يدفع له أجرته الشهرية متى أصدر الوهابية وعلماؤها بيانا واحدا في حق شعب فلسطين الذي ينخر في جسده ووطنه المستوطنون الذين استجلبوا من ما وراء البحار على إمتداد أكثر من ستين عام؟ ومتى احتج الوهابية السعودية على أي مما يحصل لفلسطين وشعبها؟ و متى كتبوا رسالة لأمين عام الأمم المتحدة يدعون فيها لإنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم؟. في حرب المستوطنين الأخيرة قتلوا وجرحوا أكثر من عشرة آلاف فلسطيني من شعب غزة ، والوهابية السعودية تشاغلت بتطمين المستوطنين الصهاينة أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فأفتت بأن التظاهر من أجل شعب غزة ، الذي أنزلت فيه أكبر محرقة إبادة ، "مفسدة في الأرض" و "تلهي عن ذكر الله!". فلا يأخذنك العجب ،أيها المظلوم ، أن الربّ الذي تعبده الوهابية شاب أمرد يلبس نعالا من ذهب ، يهرول ، ويضحك ، ويكشف عن ساقه يوم القيامة ، وسبق أن مدّ ساقه في النار، لهو شديد الشبه برب المستوطنين – العجل الذهبي - وإن إختلفت المسميات. فإن كان القائمين على مشروع الوهابية المتآخي مع الصهيونية العنصرية قد أفتوا بعدم جواز الدعاء للمقاومة اللبنانية بالنصر والمؤازرة في صيف 2006 ، لأنهم رافضة! فما هو تبريرهم لعدم نصرتهم أهل غزة في شتاء 2009 ، و جلـّهم من أهل السنة حتى على قياس أهل بدعة الوهابية المتصهينة؟! أم أن الوهابية ما ابتدعها القائمون عليها إلاّ لتمزيق وحدة المسلمين سنة كانوا أم شيعة. الإمام الخميني رض أفتى: "من قال هذا سني وهذا شيعي فليس بمسلم!". والإمام السيستاني دام ظله الشريف أفتى: "لاتقولوا إخواننا السنة ، قولوا أنفسنا!".
ايها الشيخ عادل الكلباني أما قرأت القرآن إذْ يقول: قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) يونس.
أيها الشيخ الكلباني: إيّاك ونبز أهل الكوفة فهم ثاني إثنين في أكثر من لغة وقرآن وأول من علـّموا الناس عشق أهل البيت الطيبين الطاهرين المعصومين .. ويجلـّون علماءهم ويضعونهم في مرتبة أنبياء بني إسرائيل ... أما قرأت ما قاله حفيد عمر بن الخطاب ، عاشق أهل البيت عليهم السلام ، القاضي عبدالباقي العمري الموصللي رضوان الله عليه (1204- 1278للهجرة ) ، وهو يصف أخا رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام :
أنت العلي الذي فوق العلا رفعا ***** ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا
وأنت حيدرة الغاب الذي أسد البـ ***ـرج السماوي عنه خاسئاً رجعا
وأنت باب تعالى شأن حارسه *** بغير راحة روح القدس ما قرعا
وأنت ذاك البطين الممتلئ حكما *** معشارها فلك الأفلاك ما وسعا
وأنت ذاك الهزبر الأنزع البطل الـ *** ـذي بمخلبه للشرك قد نزعا
وأنت نقطة باء مع توحدها ******بها جميع الذي في الذكر قد جمعا
وأنت والحق يا أقضى الأنام به *** غدا على الحوض حقا تحشارن معا
وأنت صنو نبي غير شرعته *** للانبياء إله العرش ما شرعا
وأنت زوج ابنة الهادي إلى سنن *** من حاد عنه عداه الرشد فانخزعا
وأنت بالطبع سيف تارة عطبا *** يسقي الثغور ويشفي مرة طبعا
وأنت غوث وغيث في ردى وندى**** لخائف ولراج لاذ وانتجعا
وأنت ركن يجير المستجير به *** وأنت حصن لمن دهره فزعا
وأنت من بنداه عز من طمعا *** وفي جدى من سواه ذل من قنعا
وأنت ذو منصل صل ينضنض في *** غمد لمكر الكفر قد بلعا
وأنت عين يقين لم يزده به *** كشف الغطاء يقينا أية انقشعا
وأنت ذو حسب يعزى إلى نسب *** قد نيط في سبب أوج العلا قرعا
وأنت ضئضئ مجد في مدى أمد *** قد فصل الدهر أوصالا وما انقطعا
وأنت من حمت الإسلام وفرته *** ودرعت لبدتاه الدين فادرعا
وأنت من فجع الدين المبين به **** ومن بأولاه الإسلام قد فجعا
وأنت الذي منه الوجود نضى***** عمود صبح ليافوخ الدجا صدعا
وأنت الذي حطت له قدم *** في موضع يده الرحمن قد وضعا
وأنت الذي للقبلتين مع النبــ*****ـي أول من صلى ومن ركعا
وأنت الذي في نفس مضجعه *** في ليل هجرته قد بات مضطجعا
وأنت الذي آثاره ارتفعت****** على الأثير وعنها قدره اتضعا
وأنت الذي آثاره مسحت *** هام الأثير فأبدى رأسه الصلعا
وأنت الذي يلقى الكتائب في**** ثبات جأش له ثهلان قد خضعا
وأنت الذي لله ما فعلا **** وأنت الذي ما صنعا
وأنت الذي لله ما وصلا *** وأنت الذي لله ما قطعا
حكمت في الكفر سيفا لو هويت به *** يوما على كتد الأفلاك لانخلعا
محدب يتراءى في مقعره *** موج يكاد على الآفاق أن يقعا
أسلت من غمده ناراً مروقة *** تجرّع الكفر من راووقها جزعا
حكى الحمام حساما من حسامك في*** لسان نار على هاماتهم سجعا
غليله طالما أوردته علقا *** يوم النهروان من نهر فما انتقعا
بذي فقارك عنا أي فاقرة *** قصمتها ودفعت السوء فاندفعا
أراد سيفك في ليل العجاجة أن ** يروي السنى عن لسان الصبح فاندلعا
عالجت بالبيض أمراض القلوب ولو ** كان العلاج بغير البيض ما نجعا
والرعد قد ظن طرف البرق فيك كبا *** لما أغرت على العليا فقال لعا
نبذت للشرك شلواً بالعراء لذا *** عليه نسر من الخذلان قد وقعا
والليل لما تسمى كافرا بشبا *** قرضاب بطشك قد غادرته قطعا
وباب خيبر لو كانت مسامره *** كل الثوابت حتى القطب لانقلعا
باريت شمس الضحى في جنة بزغت**في يوم بدر بزوغ البدر إذ سطعا
لله درّ فتى الفتيان منك فتى *** ضرع الفواطم في مهد الهدى رضعا
لقد ترعرعت في حجر عليه لذى *** حجر براهين تعظيم بهاقطعا
ربيب طه حبيب الله أنت ومن *** كان المربي له طه فقد برعا
رعاه مولاه من راع لأمته *** لجده وأبيك الحق فيك رعى
آخاك من عز قدراً أن يكون له *** أخا سواك إذا داعي الأخاء دعا
سمتك أمك بنت الليث حيدرة **** أكرم بلبوة ليث أنجبت سبعا
لك الكساء مع الهادي وبضعته *** وقرتي ناظريه ابنيك قد جمعا
لئن توجع في يوم الطفوف لهم *** فما سوى الله واللهِ اشتكى الوجعا
قد خادعوا منك في صفين ذا كرم *** إن الكريم إذا خادعته انخدعا
نهج البلاغة نهج عنك بلغنا *** رشداً به اجتث عرق الغي فانقمعا
به دمغت لأهل البغي أدمغة *** لنخوة الجهل قد كانت أشرَّ وعا
كم مصقع من خطاب قد صقعت به *** فوق المنابر صقع الغدر فانصقعا
وأنت يعسوب نحل المؤمنين إلى *** أي الجهات انتحى يلقاهمُ تبعا
ما فرق الله شيئاً في خليقته *** من الفضائل إلا عندك اجتمعا
أبا الحسين أنا حسان مدحك لا *** أنفك أظهر في إنشائه البدعا
وكل من راح للعلياء مبتكراً *** جاء الثناء على علياه مخترعا
عذراً فقد ضقت ذرعاً عن احاطته *** وكلما ضقت عن تحديده اتسعا
وجوهر المدح في علياك رونقه *** بلبة الدهر في لألائه نصعا
مدح لقد خضعت كل الحروف له *** وكل صوت إلى انشاده خشعا
به أساجل أقواماً أجالسهم *** فيذهبون بتهذيبي له شيعا
مستنبط من قليب القلب ينضحه *** فكر وهل تنزح الأفكار ما نبعا
أوراقه مرتع الأحداق كم نضر ***** فيه لذي نظر في الشعر قد رتعا
ربع ربيع المعاني في بطائحه *** ترى لسائمة الأفكار مرتبعا
في كل بيت قصيدة من مقاصده *** باب بمصرعه التخييل قد صرعا
ما زاده فكر ذي حدس مطالعة *** إلا وزاد كأفكاري به ولعا
وما تعلق فيه طرف رامقه***** إلا وشاهد برقا ومضه لمعا
وما وعت مهجة أفلاذ جذوته *** إلا ومقباسها أثناءها لذعا
وما بكت مقلة من فيه قد ذكروا *** إلا سقت ما به في عدوه ضلعا
وما امتطى لاحقاً في أثره أحد *** إلا وعن شأوه في عدوه ضلعا
بسيط بحر له ثغر بمرشفه *** للأبحر السبع مأمون الشجا كرعا
فاقبل فدتك نفوس العالمين ثنا*****بمثله العالم العلوي ما سمعا
عليك أسنى سلام الله ما غربت *** شمس وما قمر من أفقه طلعا
وآلك الغر ما ناحت مطوقة *** من فوق غصن أسى في حزنها ينعا
وما لأوج العلا نادى مؤرخه *** مقام نعت علي باسمه رفعا
أما أنت يا شيخ كلباني فلا أقول فيك أكثر مما قال المتنبي لنظير لك في اللون لا الإسم:
سمّوك زيتونا وما أنصفــوا *** لو أنصفوا سمّوك زعرورا
لأنّ في الزيتون زيتاً يضئ *** وأنــت لا زيـتـاً و لا نــــورا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق