الثلاثاء، 24 نوفمبر 2015

  


الكلباني ..



إن كان علماء الشيعة كفار بنظر الشيخ عادل سالم الكلباني إمام الحرم المكي ‏في تصريحاته التي أدلى بها لتلفزيون البي بي سي يوم الثالث من شهر ‏مايو/مايس 2009 ، فإنّ أم المؤمنين عائشة قد كفـّرت خليفة المسلمين في ‏زمانها عثمان بن عفان معلنة "أقتلوا نعثلاً فقد كفر!" وهي تعلم أنه من العشرة ‏المبشّرين بالجنة! فبأيهما نأخذ كمنهج إفتائي شرعي إسلامي؟ أنأخذ بكلام ‏الشيخ الكلباني الذي كفـّر بموجبه علماء الشيعة أو كلام أم المؤمنين عائشة ‏الذي كفـّرت فيه الخليفة عثمان بن عفان؟ وبأيهما نأخذ ميزانا في التكفير: أمر ‏معاوية بن أبي سفيان بن الطلقاء بسبّ الخليفة الشرعي علي بن أبي طالب ‏عليه السلام على منابر المسلمين أيام حكم بني أمية – الذي استمر لأكثر من ‏‏83 عام – أم نأخذ بكفر من اتفق في الحديث أنه " من سب علياً فقد سبّني". ‏فهل الترضي على معاوية من باب الموأساة للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ‏أم أنه هوى سياسي أمر به السلطان؟ وما هو الميزان المتبع في التكفير؟ أهو ‏مزاج السلطان أم عدالة رسالة الإسلام؟.‏

وهذا القرآن الحكيم يصدح بأنّ " الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ ‏حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " و " إنّ المنافقين في الدرك ‏الأسفل من النار" .. أم يرى الشيخ الكلباني أنه هو بالذات ليس من الأعراب ‏الذين عناهم القرآن؟ فليأت بالدليل أنه ليس من الأعراب! وعندما تآمر أكثر من ‏‏12 ملثماً على تنفير ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ونجّاه الله ‏بإطلاعه على خطتهم وأبلغ أسماءهم حذيفة بن اليمان ليكتمه سراً ، فكان الثاني ‏منهم دائم الإستفسار من حذيفة: أأنا منهم؟! فهل جاء هؤلاء من بلاد الروم أم ‏أنهم كانوا أعرابا ؟.‏

فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا. فليعلمنا الشيخ ‏الكلباني ومن يدفع له أجرته الشهرية متى أصدر الوهابية وعلماؤها بيانا واحدا ‏في حق شعب فلسطين الذي ينخر في جسده ووطنه المستوطنون الذين ‏استجلبوا من ما وراء البحار على إمتداد أكثر من ستين عام؟ ومتى احتج ‏الوهابية السعودية على أي مما يحصل لفلسطين وشعبها؟ و متى كتبوا رسالة ‏لأمين عام الأمم المتحدة يدعون فيها لإنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم؟. في ‏حرب المستوطنين الأخيرة قتلوا وجرحوا أكثر من عشرة آلاف فلسطيني من ‏شعب غزة ، والوهابية السعودية تشاغلت بتطمين المستوطنين الصهاينة أن لا ‏خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فأفتت بأن التظاهر من أجل شعب غزة ، الذي ‏أنزلت فيه أكبر محرقة إبادة ، "مفسدة في الأرض" و "تلهي عن ذكر الله!". ‏فلا يأخذنك العجب ،أيها المظلوم ، أن الربّ الذي تعبده الوهابية شاب أمرد ‏يلبس نعالا من ذهب ، يهرول ، ويضحك ، ويكشف عن ساقه يوم القيامة ، ‏وسبق أن مدّ ساقه في النار، لهو شديد الشبه برب المستوطنين – العجل ‏الذهبي - وإن إختلفت المسميات. فإن كان القائمين على مشروع الوهابية ‏المتآخي مع الصهيونية العنصرية قد أفتوا بعدم جواز الدعاء للمقاومة اللبنانية ‏بالنصر والمؤازرة في صيف 2006 ، لأنهم رافضة! فما هو تبريرهم لعدم ‏نصرتهم أهل غزة في شتاء 2009 ، و جلـّهم من أهل السنة حتى على قياس ‏أهل بدعة الوهابية المتصهينة؟! أم أن الوهابية ما ابتدعها القائمون عليها إلاّ ‏لتمزيق وحدة المسلمين سنة كانوا أم شيعة. الإمام الخميني رض أفتى: "من ‏قال هذا سني وهذا شيعي فليس بمسلم!". والإمام السيستاني دام ظله الشريف ‏أفتى: "لاتقولوا إخواننا السنة ، قولوا أنفسنا!". ‏
ايها الشيخ عادل الكلباني أما قرأت القرآن إذْ يقول: قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن ‏يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ ‏يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) يونس.‏

أيها الشيخ الكلباني: إيّاك ونبز أهل الكوفة فهم ثاني إثنين في أكثر من لغة ‏وقرآن وأول من علـّموا الناس عشق أهل البيت الطيبين الطاهرين المعصومين ‏‏.. ويجلـّون علماءهم ويضعونهم في مرتبة أنبياء بني إسرائيل ... أما قرأت ما ‏قاله حفيد عمر بن الخطاب ، عاشق أهل البيت عليهم السلام ، القاضي ‏عبدالباقي العمري الموصللي رضوان الله عليه (1204- 1278للهجرة ) ، ‏وهو يصف أخا رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما وآلهما ‏أفضل الصلاة والسلام :‏

أنت العلي الذي فوق العلا رفعا ***** ببطن مكة وسط البيت إذ وضعا
وأنت حيدرة الغاب الذي أسد البـ ***ـرج السماوي عنه خاسئاً رجعا
وأنت باب تعالى شأن حارسه *** بغير راحة روح القدس ما قرعا
وأنت ذاك البطين الممتلئ حكما *** معشارها فلك الأفلاك ما وسعا
وأنت ذاك الهزبر الأنزع البطل الـ *** ـذي بمخلبه للشرك قد نزعا
وأنت نقطة باء مع توحدها ******بها جميع الذي في الذكر قد جمعا
وأنت والحق يا أقضى الأنام به *** غدا على الحوض حقا تحشارن معا
وأنت صنو نبي غير شرعته *** للانبياء إله العرش ما شرعا
وأنت زوج ابنة الهادي إلى سنن *** من حاد عنه عداه الرشد فانخزعا
وأنت بالطبع سيف تارة عطبا *** يسقي الثغور ويشفي مرة طبعا
وأنت غوث وغيث في ردى وندى**** لخائف ولراج لاذ وانتجعا
وأنت ركن يجير المستجير به *** وأنت حصن لمن دهره فزعا
وأنت من بنداه عز من طمعا *** وفي جدى من سواه ذل من قنعا
وأنت ذو منصل صل ينضنض في *** غمد لمكر الكفر قد بلعا
وأنت عين يقين لم يزده به *** كشف الغطاء يقينا أية انقشعا
وأنت ذو حسب يعزى إلى نسب *** قد نيط في سبب أوج العلا قرعا
وأنت ضئضئ مجد في مدى أمد *** قد فصل الدهر أوصالا وما انقطعا
وأنت من حمت الإسلام وفرته *** ودرعت لبدتاه الدين فادرعا
وأنت من فجع الدين المبين به **** ومن بأولاه الإسلام قد فجعا
وأنت الذي منه الوجود نضى***** عمود صبح ليافوخ الدجا صدعا
وأنت الذي حطت له قدم *** في موضع يده الرحمن قد وضعا
وأنت الذي للقبلتين مع النبــ*****ـي أول من صلى ومن ركعا
وأنت الذي في نفس مضجعه *** في ليل هجرته قد بات مضطجعا
وأنت الذي آثاره ارتفعت****** على الأثير وعنها قدره اتضعا
وأنت الذي آثاره مسحت *** هام الأثير فأبدى رأسه الصلعا
وأنت الذي يلقى الكتائب في**** ثبات جأش له ثهلان قد خضعا
وأنت الذي لله ما فعلا **** وأنت الذي ما صنعا
وأنت الذي لله ما وصلا *** وأنت الذي لله ما قطعا
حكمت في الكفر سيفا لو هويت به *** يوما على كتد الأفلاك لانخلعا
محدب يتراءى في مقعره *** موج يكاد على الآفاق أن يقعا
أسلت من غمده ناراً مروقة *** تجرّع الكفر من راووقها جزعا
حكى الحمام حساما من حسامك في*** لسان نار على هاماتهم سجعا
غليله طالما أوردته علقا *** يوم النهروان من نهر فما انتقعا
بذي فقارك عنا أي فاقرة *** قصمتها ودفعت السوء فاندفعا
أراد سيفك في ليل العجاجة أن ** يروي السنى عن لسان الصبح فاندلعا
عالجت بالبيض أمراض القلوب ولو ** كان العلاج بغير البيض ما نجعا
والرعد قد ظن طرف البرق فيك كبا *** لما أغرت على العليا فقال لعا
نبذت للشرك شلواً بالعراء لذا *** عليه نسر من الخذلان قد وقعا
والليل لما تسمى كافرا بشبا *** قرضاب بطشك قد غادرته قطعا
وباب خيبر لو كانت مسامره *** كل الثوابت حتى القطب لانقلعا
باريت شمس الضحى في جنة بزغت**في يوم بدر بزوغ البدر إذ سطعا
لله درّ فتى الفتيان منك فتى *** ضرع الفواطم في مهد الهدى رضعا
لقد ترعرعت في حجر عليه لذى *** حجر براهين تعظيم بهاقطعا
ربيب طه حبيب الله أنت ومن *** كان المربي له طه فقد برعا
رعاه مولاه من راع لأمته *** لجده وأبيك الحق فيك رعى
آخاك من عز قدراً أن يكون له *** أخا سواك إذا داعي الأخاء دعا
سمتك أمك بنت الليث حيدرة **** أكرم بلبوة ليث أنجبت سبعا
لك الكساء مع الهادي وبضعته *** وقرتي ناظريه ابنيك قد جمعا
لئن توجع في يوم الطفوف لهم *** فما سوى الله واللهِ اشتكى الوجعا
قد خادعوا منك في صفين ذا كرم *** إن الكريم إذا خادعته انخدعا
نهج البلاغة نهج عنك بلغنا *** رشداً به اجتث عرق الغي فانقمعا
به دمغت لأهل البغي أدمغة *** لنخوة الجهل قد كانت أشرَّ وعا
كم مصقع من خطاب قد صقعت به *** فوق المنابر صقع الغدر فانصقعا
وأنت يعسوب نحل المؤمنين إلى *** أي الجهات انتحى يلقاهمُ تبعا
ما فرق الله شيئاً في خليقته *** من الفضائل إلا عندك اجتمعا
أبا الحسين أنا حسان مدحك لا *** أنفك أظهر في إنشائه البدعا
وكل من راح للعلياء مبتكراً *** جاء الثناء على علياه مخترعا
عذراً فقد ضقت ذرعاً عن احاطته *** وكلما ضقت عن تحديده اتسعا
وجوهر المدح في علياك رونقه *** بلبة الدهر في لألائه نصعا
مدح لقد خضعت كل الحروف له *** وكل صوت إلى انشاده خشعا
به أساجل أقواماً أجالسهم *** فيذهبون بتهذيبي له شيعا
مستنبط من قليب القلب ينضحه *** فكر وهل تنزح الأفكار ما نبعا
أوراقه مرتع الأحداق كم نضر ***** فيه لذي نظر في الشعر قد رتعا
ربع ربيع المعاني في بطائحه *** ترى لسائمة الأفكار مرتبعا
في كل بيت قصيدة من مقاصده *** باب بمصرعه التخييل قد صرعا
ما زاده فكر ذي حدس مطالعة *** إلا وزاد كأفكاري به ولعا
وما تعلق فيه طرف رامقه***** إلا وشاهد برقا ومضه لمعا
وما وعت مهجة أفلاذ جذوته *** إلا ومقباسها أثناءها لذعا
وما بكت مقلة من فيه قد ذكروا *** إلا سقت ما به في عدوه ضلعا
وما امتطى لاحقاً في أثره أحد *** إلا وعن شأوه في عدوه ضلعا
بسيط بحر له ثغر بمرشفه *** للأبحر السبع مأمون الشجا كرعا
فاقبل فدتك نفوس العالمين ثنا*****بمثله العالم العلوي ما سمعا
عليك أسنى سلام الله ما غربت *** شمس وما قمر من أفقه طلعا
وآلك الغر ما ناحت مطوقة *** من فوق غصن أسى في حزنها ينعا
وما لأوج العلا نادى مؤرخه *** مقام نعت علي باسمه رفعا

أما أنت يا شيخ كلباني فلا أقول فيك أكثر مما قال المتنبي لنظير لك في اللون لا ‏الإسم:‏

‏ سمّوك زيتونا وما أنصفــوا *** لو أنصفوا سمّوك زعرورا
‏ لأنّ في الزيتون زيتاً يضئ *** وأنــت لا زيـتـاً و لا نــــورا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق