اعتاد الملازم أول موشيه كوهين، المسؤول الطبي الإقليمي في منطقة شمال الضفة الغربية في الجيش الإسرائيلي، على حالات الطوارئ. يعالج هو وجنوده الجرحى، سواء كانوا إسرائيليين أو فلسطينيين، وسواء كان سبب الإصابة على خلفية الطعن، إطلاق النار أو حادث طرق. عندما تلقى يوم الجمعة الماضي (31.10) عبر شبكة الاتصال خبر إطلاق نار في مفرق "تبواح" (الزعترة)، وصل وهو وقواته إلى المكان خلال دقائق معدودة.

"ظننت أننا قد نفقده"
وعندما وصلوا إلى ساحة الحدث، اتضحت الصورة: حاول شابان فلسطينيان طعن جنود إسرائيليين وقفوا عند حاجز المفرق. أصيب أحد الجنود بحراج طفيفة، بفضل سترته الواقية. كان الفلسطينيان اللذان طعَنا ملقيين على الأرض، أحدهما دون نبضات قلب، والثاني يتنفّس ما بدا حينذاك كأنفاسه الأخيرة. لقد أُطلقت عليه النار من مسافة قصيرة في أردافه وأفخاذه، وقد اخترقت الرصاصات جسده عميقًا ممّا جعله يفقد الكثير من الدماء.
قامت إحدى الفرق بإنعاش الشاب الجريح، بينما أدخل فريق آخر إبرة في صدره، لتصريف الهواء الذي قد تجمع هناك. بالإضافة إلى ذلك، تلقى الشاب تسريبا وريديا وعلاجا لمنع تخثر الدم. أشرف الملازم أول كوهين على إنقاذ حياة الشاب الفلسطيني.
الأطباء العسكريون الإسرائيليون (IDF)
الأطباء العسكريون الإسرائيليون (IDF)
قال كوهين: "كانت حالته سيئة، وكان شاحبا، وبالكاد كان لديه ضغط دم ونبضات قلب. أدركنا سريعًا جدّا أنّه يجب أن نركّز كل علاجنا به". وأضاف: "كان من المهم لدينا أن نعالجه بسرعة، فكل ثانية كانت حاسمة جدّا. ظننت أننا قد نفقده".
وبعد مرور نحو خمس وعشرين دقيقة قدّم فيها الجنود الإسرائيليون علاجا أنقذ حياته، وصلت سيارة إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني وأخلت الشاب إلى مستشفى رفيديا في نابلس.
هل في وقت علاج الشاب فكرت بأنّك تعالج شخصا حاول قتل إسرائيليين؟
أجاب كوهين: "في اللحظة التي تُعالج فيها شخصا ما تتركز فقط بما تعلّمت، كيف تعالجه، وليس بأي شيء آخر. فليست جميع الأمور الأخرى شيئا تنشغل به إطلاقا". وأضاف: "في نهاية المطاف، فإنّ جنديّنا الذي أصيب هو من تلقّى العلاج أخيرا. التصنيف موضوعي وطبّي، فأنا أعالج من جراحه هي الأخطر ولا يهم ماذا حدث قبل وصولنا".
هل تعتقد أنّك لو كنتَ جريحا وكنتَ في حالة يتعيّن فيها على الفلسطينيين أن ينقذوا حياتك، كان سيحدث ذلك؟
تردّد كوهين في إجابته ثمّ قال: "كما أنّ بيننا هناك أشخاص لم يكونوا ليعالجوا وأشخاص كانوا سيعالجون، ففي الجانب الآخر يحدث الأمر نفسه تماما. إنهم بشر وليسوا مبَرمَجين. التقيت بنفسي أيضًا بفلسطينيين ساعدوا يهودا، وقد قدّموا الرعاية لليهود أو لجنود وقعوا في حالات خطرة، وتلك هي أحداث أعرفها عن قرب".