المتنبي وسيف الدولة الحمداني]
ظل باحثاً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ، واتصل بسيف الدولة ابن حمدان، أمير وصاحب حلب، سنة 337 هـ وكانا في سن متقاربه، فوفد عليه المتنبي وعرض عليه أن يمدحه بشعره على ألا يقف بين يديه لينشد قصيدته كما كان يفعل الشعراء فأجاز له سيف الدولة أن يفعل هذا وأصبح المتنبي من شعراء بلاط سيف الدولة في حلب، وأجازه سيف الدولة على قصائده بالجوائز الكثيرة وقربه إليه فكان من أخلص خلصائه وكان بينهما مودة واحترام، وخاض معه المعارك ضد الروم، وتعد سيفياته أصفى شعره. غير أن المتنبي حافظ على عادته في أفراد الجزء الأكبر من قصيدته لنفسه وتقديمه إياها على ممدوحه، فكان أن حدثت بينه وبين سيف الدولة فجوة وسعها كارهوه وكانوا كثراً في بلاط سيف الدولة.
ازداد أبو الطيب اندفاعاً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة في حلب أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرماً مميزاً عن غيره من الشعراء في حلب. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة حلب العربية الذي يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.
وفي المواقف القليلة التي كان المتنبي مضطرا لمراعاة الجو المحيط به، فقد كان يتطرق إلى مدح آباء سيف الدولة في عدد من القصائد، ومنها السالفة الذكر، لكن ذلك لم يكن إعجابا بالأيام الخوالي وإنما وسيلة للوصول إلى ممدوحه، إذ لا يمكن فصل الفروع عن جذع الشجرة وأصولها كقوله:
من تغلب الغالبين الناس منصبه | ومن عدّي أعادي الجبن والبخل |
خيبة الأمل وجرح الكبرياء]
أحس بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير. وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر والأمير، ولربما كان هذا الاتساع مصطنعاً إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما. وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وأصابته خيبة الأمل لاعتداء ابن خالويه عليه بحضور سيف الدولة حيث رمى دواة الحبر على المتنبي في بلاط سيف الدولة، فلم ينتصف له سيف الدولة، ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، لم يستطع أن يحتمل، فعزم على مغادرته، ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب الصريح والفراق، وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها : (لا تطلبن كريماً بعد رؤيته). بعد تسع سنوات ونصف في بلاط سيف الدولة جفاه الأمير وزادت جفوته له بفضل كارهي المتنبي ولأسباب غير معروفة قال البعض أنها تتعلق بحب المتنبي المزعوم لخولة شقيقة سيف الدولة التي رثاها المتنبي في قصيدة ذكر فيها حسن مبسمها، وكان هذا مما لا يليق عند رثاء بنات الملوك. انكسرت العلاقة الوثيقة التي كانت تربط سيف الدولة بالمتنبي.
فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية الأمير. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقه يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلب، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، وبقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة وبعد ترحاله في بلاد عديده بقي سيف الدولة في خاطر ووجدان المتنبي.
مدح كافوراً الإخشيدي وأبا شجاع، وأقام في مصر ردحاً من الزمن يرقب الفرصة من كافور فيصعد المجد على كاهله، فماهو إلا أن قال:
أبا المسك ، هل في الكأس فضلٌ أناله | فإني أغني منذ حين وأشرب |
وقال:
|
حتى أوجس كافور منه خيفة، لتعاليه في شعره وطموحه إلى الملك، فزوى عنه وجهه، فهجاه وقصد بغداد، وكان خروجه من مصر في يوم عيد، وقال يومها قصيدته الشهيرة التي ضمنها ما بنفسه من مرارة على كافور وحاشيته، والتي كان مطلعها:
|
وفي القصيدة هجوم شرس على كافور وأهل مصر بما وجد منهم من إهانة له وحط منزلته وطعنا في شخصيته ثم إنه بعد مغادرته لمصر قال قصيدةً يصف بها منازل طريقه وكيف أنه قام بقطع القفار والأودية المهجورة التي لم يسلكها أحد، وفي مطلعها يصف ناقته:
|
وفيها يصف منازل طريقه:
|
وهي قصيدة يميل فيها المتنبي إلى حد ما إلى الغرابة في الألفاظ ولعله يرمي بها إلى مساواتها بطريقه. وذكر في قصائده بعض المدن والمواضع الواقعة ضمن الحدود الإدارية لدُومة الجندل، والتي منها:
|
ولمّا وصل إلى بسيطة، رأى بعض غلمانه ثورًا فقال : هذه منارة الجامع ورأى آخر نعامة برية فقال: هذه نخلة، فضحك أبو الطيب وقال:
|
ومما قاله في مصر ولم ينشدها الأسود ولم يذكره فيها، وفيها يشكو معاناته من الزمن:
|
لم يكن سيف الدولة وكافور هما من اللذان مدحهما المتنبي فقط، فقد قصد امراء الشام والعراق وفارس. وبعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت له معه مساجلات. ومدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز وذالك بعد فراره من مصر إلى الكوفة ليلة عيد النحر سنة 370 هـ.
شعره وخصائصه الفنية
شعر المتنبي كان صورة صادقة لعصره، وحياته، فهو يحدثك عما كان في عصره من ثورات، واضطرابات، ويدلك على ما كان به من مذاهب، وآراء، ونضج العلم والفلسفة. كما يمثل شعره حياته المضطربة: فذكر فيه طموحه وعلمه، وعقله وشجاعته، وسخطه ورضاه، وحرصه على المال، كما تجلت القوة في معانيه، وأخيلته، وألفاظه، وعباراته.وقد تميز خياله بالقوة والخصابة فكانت ألفاظه جزلة، وعباراته رصينة، تلائم قوة روحه، وقوة معانيه، وخصب أخيلته، وهو ينطلق في عباراته انطلاقاً ولا يعنى فيها كثيراً بالمحسنات والصناعة.ويقول الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه في الأدب والفن ان المتنبي يعتبر وبحق شاعر العرب الأكبر عبر العصور.
أغراضه الشعرية
المدح الإخشيدي، وقصائده في سيف الدولة تبلغ ثلث شعره أو أكثر، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقاده حتى في حداثته. ومن قصائده في مدح سيف الدولة:
وقفت وما في الموت شكٌّ لواقف | كأنك في جفن الرَّدى وهو نائم | |
تمر بك الأبطال كَلْمَى هزيمـةً | ووجهك وضاحٌ، وثغرُكَ باسم | |
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى | إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالم |
و كان مطلع القصيدة:
عَـلَى قَـدرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ | وتَــأتِي عَـلَى قَـدرِ الكِـرامِ المَكـارِم | |
وتَعظُـم فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها | وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ |
الوصف
أجاد المتنبي وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت في عصره وخاصة في حضرة وبلاط سيف الدولة، فكان شعره يعتبر سجلاً تاريخياً. كما أنه وصف الطبيعة، وأخلاق الناس، ونوازعهم النفسية، كما صور نفسه وطموحه. وقد قال يصف شِعب بوَّان، وهو منتزه بالقرب من شيراز :
مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني | بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ | |
وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا | غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ | |
مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا | سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ | |
طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى | خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ | |
غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا | على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ | |
فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني | وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني | |
وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي | دَنَانِيراً تَفِرّ مِنَ البَنَانِ | |
لها ثمر تشـير إليك منـه | بأَشربـةٍ وقفن بـلا أوان | |
وأمواهٌ يصِلُّ بها حصاهـا | صليل الحَلى في أيدي الغواني | |
إذا غنى الحمام الوُرْقُ فيها | أجابتـه أغـانيُّ القيـان |
وقال يعاتب سيف الدولة ويفخر بنفسه وشعره:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي | و أسمعت كلماتي من به صمم | |
أنام ملء جفوني عن شواردها | ويسهر الخلق جراها ويختصم | |
و جاهل مده في جهله ضحكي | حتى أتته يد فراسة وفم | |
إذا رأيت نيوب الليث بارزة | فلا تظنن أن الليث يبتسم | |
و مهجة مهجتي من هم صاحبها | أدركته بجواد ظهره حرم | |
رجلاه في الركض رجل واليدان يد | وفعله ماتريد الكف والقدم | |
ومرهف سرت بين الجحفلين به | حتى ضربت وموج الموت يلتطم | |
الخيل والليل والبيداء تعرفني | والسيف والرمح والقرطاس والقلم |
الهجاء
لم يكثر الشاعر من الهجاء. وكان في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة، تخضع لمبدأ أو خلق، وكثيراً ما يلجأ إلى التهكم، أو استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معناها، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد اللفظ بها، كما أن السخط يدفعه إلى الهجاء اللاذع في بعض الأحيان. وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسون عليه مكانته:
أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ | ضعيف يقاويني، قصير يطاول | |
لساني بنطقي صامت عنه عادل | وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل | |
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه | وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل | |
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم، غير أنني | بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل |
ومن قوله في هجاء كافور:
من أية الطرق يأتي مثلك الكرم | أين المحاجم ياكافور والجلم | |
جازا الأولى ملكت كفاك قدرهم | فعرفوا بك أن الكلب فوقهم | |
سادات كل أناس من نفوسهم | وسادة المسلمين الأعبد القزم | |
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم | يا أمة ضحكت من جهلها الأمم | |
ألا فتى يورد الهندي هامته | كيما تزول شكوك الناس والتهم | |
فإنه حجة يؤذي القلوب بها | من دينه الدهر والتعطيل والقدم | |
ما أقدر الله أن يخزي خليقته | ولا يصدق قوما في الذي زعموا |
|
من نوادر الشعراء
إلتقى شاعر مصر حافظ إبراهيم مع شاعر لبنان بشارة الخوري(الأخطل الصغير)وكانا يحملان لبعضهما وداً كبيراً فرحب الأخطل بصديقه قائلاً: أهلاً بابن النيل(النهر المعروف) فقال حافظ على الفور: أهلاً بابن الكلب(نهر في لبنان) __________________ سأل الشاعر ( خليل مطران ) صديقه ( إمام ) : لِمَ لَمْ تتزوج .؟؟ فأجاب إمام : يا خليلي وأنت خير خليل ٍ لا تَلُمْ راهبا ً بغيـر دليـل ِ أنا ليلٌ وكل حسناءَ شمـس ٌ واجتماعي بها من المستحيل ِ! __________________ قالوا إن بشار بن برد كان يتشائم من الأسماء ويتطير منها، فإذا كان الأسم حسناً فتح له بابه ،وإذا كان شؤماً رده إلى صاحبه. تحكى في طيرته أقاصيص غريبه منها: " أن أحد الأمراء إشتاق اليه فعلم بحالته من الطيره،فبعث مرسولاً اسمه "إقبال" ،فلما أتى ابن الرومي قال له:عد إلى صاحبك فإن مقلوب اسمك "لابقاء". " __________________ قيل : إن الأعمش كان له ولد مغفل فقال له : اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل . فقال : يا أبة طول كم ؟ قال : عشرة أذرع . قال : في عرض كم ؟ قال : في عرض مصيبتي فيك __________________ قال هشام بن القاسم العنزي: جمعني والفرزدق مجلسا، فتجاهلت عليه، فقلت له: من أنت؟ قال: أما تعرفني؟ قلت: لا. قال: فأنا أبو فراس. قلت: ومن أبو فراس؟ قال: أنا الفرزذق. قلت: ومن الفرزدق؟ قال: أوما تعرف الفرزدق؟ قلت: أعرف الفرزدق أنه شيء يتخذه الناس عندنا يتسمنّ به (طعام يستخدمه الناس لطلب السمنة). فضحك الفرزدق، ثم قال: الحمد لله الذي جعلني في بطون نسائكم. ----------------------- رأى المحامي اللبناني فؤاد الخوري فتاة حلوة تقبل كلبها و الكلب يقبلها فقال : قبّلته فقبّل الثغر منها ..... فجرى من فيه عليه اللعاب ويح هذا الزمان من غانيات ..... سابقتنا في حبّهن الكلاب ! -------------------- رأى الشاعر المهجري نبيه سلامة حسناء تداعب كلها و حولها شبان يتشوقون فقال : تداعب الكلب. تدانيه تعانقه ******* وان أراد انعتاقا تكثر الجذبا و حولها فتية أودى الغرام بهم ***** و كلهم ودّ لو يمسي لها كلبا ------------------ قال الأصمعي : أصابت الأعراب مجاعة فمررت بأعرابي قاعد مع زوجته على قارعة الطريق وهو يقول : يا رب اني قاعد كما ترى *** وزوجتي قاعدة كما ترى والبطن مني جائع كما ترى *** فما ترى يا ربنا في ما ترى ؟ ------------------------ قال العتبي : أشرف عمرو بن هبيرة يوماً من قصره فإذا هو بأعرابيّ يرقل قلوصه فقال عمرو لحاجبه : إن أرادني هذا الأعرابيّ فأوصله إليّ ، فلما وصل الأعرابيّ سأله الحاجب فقال : أردت الأمير ، فدخل عليه فلما مثل بين يديه قال له : ما حاجتك ؟ فأنشد الأعرابيّ يقول : أصلحك الله قلَّ ما بيدي ... ولا أطيق العيال إذ كثروا أناخ دهري عليّ كلكلـــه ... فأرسلوني إليك وانتظروا فأخذت عمرو الأريحية فجعل يهتز في مجلسه ، ثم قال أرسلوك إليّ وانتظروا والله لا تجلس حتى تعود إليهم بما يسرهم ، ثم أمر له بألف دينار . -------------------- من نوادر المتنبي !!.. حكى بعض اهل الأدب ان المتنبي التقى في بعض منازل سفره بعبد اسود قبيح المنظر .. فقال له : ما اسمك يا رجل ؟ .. فقال : زيتون .. فقال المتنبي يداعبه : سمّوك زيتوناً وما انصفوا .. لو انصفوا سمّوك زعرورا لأن في الزيتون زيتاً يضيء .. وانت لا زيتاً ولا نورا وذات يوم .. مر المتنبي برجلين قد قتلا جرذاً وأبرزاه يعجبان الناس من كبره .. فقال : لقد اصبح الجرذ المستغير .. أسير المنايا صريع العطب رماه الكنانيّ والعامريّ .. وتلاّه للوجه فعل العرب كلا الرجلين اتلى قتله .. فأيّكما غلّ حر السلب وأيّـكما كان من خلفه .. فإن به عضةً في الذنب !! ------------------------ دخل المتنبي أحد المطاعم في مدينة اللاذقية ، وعند استدعائه الخادم، تفاجأ المتنبي بدمامته وقبحه، فسأله : ما اسمك ؟ فأجابه الخادم : زيتون . فقال له المتنبي : أسموك زيتوناً وما أنصفوا ....... لو أنهم أسموك زعرورا ففي الزيتون زيت ........... وأنت لا زيت ولا نورا فأجابه الخادم على الفور : يا لعنة الله صبِّي ****** على لحية المتنبِّي لو كان المتنبِّي نبي ****** لكان القردُ ربي ----------------------------- عاد بعضهم نحويا فقال ما الذي تشكوه قال حمى جاسية نارا حامية منها الأعضاء واهية والعظام باليه فقال له لا شفاك الله بعافية يا ليتها كانت القاضية __________________ قال رجل نحوي لابنه: اذا أردت أن تتكلم بشيء فاعرضه على عقلك و فكر فيه بجهدك حتى تقومه، ثم أخرج الكلمة مقومة. فبينما هما جالسان في الشتاء و النار مشتعلة وقعت شرارة في جبته وهو غافل عنها والابن يراه، فسكت ساعة يفكر ثم قال: يا أبت أريد أن أقول لك شيئا، أفتأذن لي فيه؟ قال أبوه: إن حقا فتكلم. قال: أراه حقا. فقال: قل ، قال: إني أرى شيئا أحمر على جبتك قال: ما هو؟ قال: شرارة وقعت على جبتك ، فنظر أبوه إلى جبته و قد احترق منها جزء كبير فقال للابن: لماذا لم تعلمني به سريعا؟ قال: فكرت فيه كما أمرتني ، ثم قومت الكلام و تكلمت به، فنهره و قال له: لا تتكلم بالنحو ابدا. __________________وقف على باب نحوي أحد الفقراء فقرعه فقال النحوي:من بالباب ؟ فقال :سائل ، فقال النحوي:لينصرف ، فقال الفقير مستدركا :اسمي أحمد وهو اسم لاينصرف في النحو ، فقال النحوي لغلامه:أعط سيبويه كسرة. __________________ جاء نحوي يعود مريضا فطرق بابه فخرج إليه ولده فقال كيف وجدت أباك ؟ قال يا عم ورمت رجليه . قال : لا تلحن .. قال : رجلاه .ثم ماذا قال : ثم وصل الورم إلى ركبتاه . قال : لا تلحن .. قال: إلى ركبتيه . ثم قال مات وأدخله الله في عقب عيالك وعيال سيبويه ونفطويه وجحشويه . __________________
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت للشاعر العباسي ابن الرومي وصفاً كاريكاتيرياً للأنف مرات عديدة منها
1- حملتَ ااأنفاً يراه الناس كلهم = من ألف ميل عياناً لا بمقياس لو شئتَ كسباً به صادفتَ مكتسَباً = أو انتصاراً مضى كالسيف والفاس فكان تصويره للأنف رائعاً ، وجعل له فائدتين ، فمنظره الغريب يجلب له مالاً إن أظهره للناس ، وهو سيف يقاتل به . 2- لك أنف بل أنوفُ = أنِفَتْ منه الأنوفُ أنت في القدس تصلي = وهو بالبيت يطوفُ فأشكل عليه ، هل لهذا الرجل أنف كبير أم إنها أنوف مجتمعة؟! ولأن أنفه كبير وهو أمامه وصل قبله إلى البيت الحرام في مكة ، بينما يقف الرجل مصلياً في القدس الشريف . وتصور المسافة بين القدس ومكة ألفاً وثمان مئة كيلومتر . 3- يقتر عيسى على نفسه = وليس بباق ولا خالدِ فلو يستطيع لتقتيره = تنفّس من منخر واحدِ وتصور معي بخل عيسى هذا حتى تراه يستنشق الهواء من ثقب واحد من أنفه ، ليوفر على نفسه استعمال المنخر الثاني ... قمة في السخرية والهزء من بخله الشديد. 4- أنفك يا عمرو فيه طول = وفي أنوف الكلاب طول ُ والكلب واف وفيك غدر = ففيك عن قدره سفولُ مستفعل فاعل فعولُ= مستفعل فاعل فعولُ بيت كمعناك ليس فيـ = معنى سوى أنه فضولُ فشبهه - في البيت الأول - بالكلب ، ثم جعله - في البيت الثاني أحط - من الكلب لأن الكلب وفيّ والمهجوّ غدّار . وفي البيت الثالث ذكر التفعيلات ليدلل في البيت الرابع أن المهجو فارغ المعنى لا قيمة له كالبيت الثالث تماماً . إن ابن الرومي من أقدم الشعراء الساخرين الهاجين والرسامين الكاريكاتريين الذين لم يجد الزمان بمثله إلا قليلاً .
| |||||||||||
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق