الأحد، 17 مايو 2015


من اوراق اسامة فوزي ... عندما حاولت الجمع بين محمود السعدني وحسيب كيالي


May 13 2015 01:53
عندما حاولت الجمع بين محمود السعدني وحسيب كيالي
كتب : اسامة فوزي
 بذلت مليون محاولة للجمع بين الساخرين محمود السعدني وحسيب كيالي دون جدوى رغم علمي الاكيد ان اجتماع القمتين المصرية والسورية يحتاج قطعا الى مترجم ليس لان السعدني لم يكن يعرف اللهجة السورية او ان كيالي لم يكن يعرف اللهجة المصرية وانما لان لكل واحد منهما طريقته في الكلام ... حسيب - عندما كان يتجلى - كان يغرق في العامية السورية الدمشقية الادلبية ... وبعض تعبيراته واوصافه لم تكن مفهومة حتى لبعض السوريين .. ومثله محمود السعدني الذي كان يتحدث بعاميته المصرية وكأنه مسدس سريع الطلقات وكان يضمن عباراته الكثير من النكات والاوصاف والقفشات  التي لا يمكن ان يلم بها ويفهمها ويدرك مغزاها وابعادها ومراميها الا مصري .. وليس اي مصري
الطريف ان الاثنين سجنهما جمال عبد الناصر في ايام الوحدة مع سوريا للاشتباه بانهما من القيادات الشيوعية ومع ذلك لم اسمع من قبل عن نقد لاذع للشيوعيين كما سمعته من حسيب والسعدني ... حسيب اكبر من محمود بسبع سنوات لكنه مات قبله بسبعة عشر عاما .. الاثنان عملا واقاما في الامارات .. حسيب كان مقربا من الشيخ محمد بن راشد المكتوم وابيه راشد .. والسعدني كان مقربا من الشيخ سلطان حاكم الشارقة الذي مول اصدار مجلة 23 يوليو المصرية المعارضة التي اصدرها السعدني في لندن ضد انور السادات ... حسيب مات وله ابن واحد هو محمد والسعدني مات وله اكرم ( عدا البنات ) ... وكلاهما كتبا المقالة والقصة والرواية وزاد عليها حسيب الشعر ..كلاهما كانا من اعمدة الصحافة الساخرة في العالم العربي .. محمود السعدني في مصر وحسيب في سوريا ... وكلاهما سجنا بعدة تهم سياسية من بينها الانقلاب او التخطيط للانقلاب على نظام الحكم
في عام 1980 ( زبطت ) معي توليفة تسمح لي بالجمع بين الرجلين .. كنت يومها اعد واقدم مع المذيعة المصرية البارزة مايسة محمود برنامجا ادبيا من تلفزيون دبي وكان  حسيب كيالي يشاركني بتقديم فقرة لغوية ...  يومها جاء محمود السعدني الى الشارقة في زيارة بدعوة من الشيخ سلطان القاسمي حاكم الامارة  فاتفقت معه على اجراء حوار تلفزيوني يروي فيه ما وقع له في مصر من اعتقال وسجن بعد اتهامه بالتامر على قلب نظام الحكم ورتبت ( المؤامرة ) بحيث نقضي السهرة بعد التسجيل في منزل حسيب كيالي القريب من التلفزيون ... وطلبت من صديقي المخرج هشام جرار ان يجمع - خلال التصوير -  قدر الامكان بين الرجلين ... لكن كل ترتيباتي ( تخربطت )  فحسيب اعتذر عن تسجيل فقرته في ذلك الاسبوع لسبب طاريء ومحمود السعدني  طلب مني اعادته فورا الى الشارقة بعد التسجيل لانه على موعد مع الفنان توفيق الدقن والفنان المعلم رضا لانهما كانا يومها يصوران مسلسلا في  استوديوهات عجمان وكانا يحملان اليه رسالة من القاهرة
كنت يومها اعمل على تأليف كتاب بعنوان ( الصعاليك )  تناولت فيه  ظاهرة الصعلكة في الادب العربي منذ العصر الجاهلي وصولا الى القرن العشرين وتوقفت عند نماذج مثيرة من بينها محمود السعدني وحسيب كيالي واحمد فؤاد نجم وامل دنقل وعدد اخر من الصعاليك وكلهم كانوا من اصدقائي
 صديق لي كان مديرا لتحرير مجلة ( العهد ) القطرية  قام بنشر الفصل الخاص بمحمود السعدني  ... قرأ السعدني المقال في مجلة العهد القطرية خلال وجوده في لندن  فكتب الي  الرسالة المرفقة
يشير محمود في رسالته الى اربعة اسماء هي ( محمد محفوظ ) و ( ابراهيم نافع ) و ( عبد العزيز خميس ) و ( محمد الحيوان ) ... محمد محفوظ هو الصحفي الذي اسس جريدة الوحدة في ابو ظبي  ثم تولى ادارة جريدةالعرب في لندن لسنوات طويلة وكان مشاركا في اصدار مجلة 23 يوليو في لندن  ... اما ابراهيم نافع  فهو الصحفي الهارب الى دبي والمتهم  بخردقة الاعلام المصري عندما تولى رئاسة تحرير الاهرام وكنت اعرف شقيقه احمد الذي عمل معنا في جريدة الوحدة وهو اكبر سنا من ابراهيم وكان مسئولا عن ( مطبخ ) الاهرام قبل ان يطير الى ابو ظبي للعمل كمدير لتحرير جريدة الوحدة ثم جريدة الفجر  وقد علمت ان غضبة السعدني من ابراهيم نافع سببها الدور الذي لعبه نافع في تحريض السادات على السعدني
المهم
 فرغت من كتابة ( الصعاليك ) في عام 1982 على الالة الكاتبة وكنت املك نسخة واحدة فقط من الكتاب لان التصوير لم يكن متاحا او سهلا ولا يوجد انذاك انترنيت وبرامج مكتبية سهلة .. قمت بصف الكتاب باستخدام الة كاتبة صغيرة ولم افكر باعداد نسخة ثانية على سبيل الاحتياط لاني كنت انوي تسليم النسخة لصديق وعد ان يصدرها عن دار نشر لبنانية معروفة  الى ان عقدت الدائرة الثقافية في الشارقة وعلى هامش معرض الكتاب السنوي انذاك ندوة شارك فيها عدد كبير من اصحاب دور النشر في العالم العربي اذكر منهم  نبيل سليمان صاحب دار الحوار للنشر في سوريا ( اللاذقية )  وشريف الجيوسي صاحب دار الكرمل في سوريا  و حسين حلاق صاحب دار الكلمة البيروتية  وغازي جميل وسميرة عاصي  ومصطفى الخطيب وفلاح الزعبي وماهر الكيالي  وحكمات قاسم وفؤاد عيتاني ومحمد عبد الهادي الطرابلسي واسامة الغزي وعبد الحميد ناصر وسليمان عبد الحميد صبح وغيرهم من اصحاب ومدراء دور النشر العربية
كان حسين حلاق صاحب دار الكلمة في بيروت قد نشر شيئا لظبية خميس تحت عنوان ( شعر ) وعلمت لاحقا ان ظبية دفعت قيمة الطبع والتوزيع ... كما علمت من صديقي الكاتب والمفكر السوداني ابو القاسم حاج حمد الذي اشرف يومها على تنظيم المعرض انه لم يبع نسخة واحدة من كتاب ظبية رغم ان حسين حلاق اصدر بيانا زعم فيه ان كتاب ظبية هو الاعلى توزيعا في المعرض .. يومها  - وكنت حاضرا الندوة - وقفت لاوجه سؤالا الى حسين حلاق حول ما يقوله منظم المعرض ( ابو القاسم حاج حمد )  وحول البيان الذي اصدرته دار النشر حول كتاب ظبية خميس الذي لم توزع منه نسخة واحدة ومع ذلك زعمت دار حسين حلاق للنشر ان كتابها الاكثر توزيعا في المعرض   فاصيب الرجل بالحرج وحاول الرد عن طريق الاساءة الي قائلا : ( بالنسبة للاخ الذي تنطع فوجه السؤال ...) هنا : وقفت على الكرسي وانهلت على راس حسين حلاق ردحا وبهدلة  احتجاجا على كلمة ( تنطع ) والقيت في الحضور وفي حلاق درسا في اداب الخطاب .. قبل ان اتوسع في بيان ان المذكور ( كذاب ) وان الدار التي يمتلكها قبضت ثمن الكتاب من المؤلفة مقدما وان الكتاب ووفقا لمنظمي المعرض  لا زال مكدسا في المخازن كما هو ولم تشتريه حتى مؤلفته قبل ان اعرج على الدور الوسخ الذي تقوم به دار الكلمة وحسين حلاق والذي يقوم على التزوير والاسترزاق بطريقة مبتذلة .. وانفض السامر
انكمش حسين حلاق في مقعده حتى اصبح بحجم نملة وانتفخت اوداج ظبية خميس حتى اصبحت مثل البطيخة ومع ذلك لم يجرؤ الطرفان على الرد .. يومها وقف فلاح الزعبي صاحب دار الفتى العربي للنشر مثنيا على كلامي شاكرا لي صراحتي وجرأتي .. في مساء ذلك اليوم طرق باب منزلي في الشارقة  محمد شريف الجيوسي صاحب دار الكرمل للنشر في سوريا وبعد سهرة مطولة تحدثنا فيها عن هموم ومشكلات دور النشر في العالم العربي طلب مني الجيوسي كتابا لنشره عن الدار معتبرا ذلك شرفا كبيرا لداره حالفا يمين طلاق انه لن يغادر المنزل الا وبيده الكتاب مشيرا الى انه سمع  من بعض موظفي معرض الكتاب ان لدي عدة كتب جاهزة للطبع ... فشكرت له مبادرته وحتى لا يطلق زوجته سلمته ثلاثة كتب منها مخطوطة ( الصعاليك ) التي لم اكن املك الا  نسخة واحدة عنها .. وقد فعلت ذلك بعد ان اكد لي شريف الجيوسي ان الكتاب سيكون في الاسواق بعد شهر واحد فقط وسيليه الكتابان الاخران في الاشهر اللاحقة
بعث الي شريف الجيوسي من سوريا بمكاتبات رسمية  حول الكتابين قال انها مطلوبة من الجهات الرسمية  طالبا مني التوقيع عليها وقد فعلت .. ومن يومها  اختفى الرجل ولم اسمع منه او عنه ... اختفى محمد شريف الجيوسي تماما حتى اعتقدت انه مات واختفت معه مخطوطة كتاب ( الصعاليك ) الذي لا املك نسخة ثانية منها
 كان هذا عام 1982 الى ان اتصل بي صديق قبل ايام ( مايو 2015) من عمان ليطلب مني مشاهدة مقطع فديو تم تصويره في احدى الفضائيات الاردنية ( سفن ستارز )  لصديقي الصحفي البارز شاكر الجوهري وهو  يضرب شخصا كان مثله ضيفا على البرنامج  وبعد ان شاهدت الفقرة صرخت كما صرخ فيثاغوروس ( وجدتها )  فالشخص الاخر الذي تلقى بكسات وركلات شاكر الجوهري ما هو الا   الحرامي محمد شريف الجيوسي الذي نصب علي و ( سرق ) كتبي قبل  33 سنة وتبخر كما الماء بعد ان استقر به المقام في عمان
كدت انسى موضوع الكتاب لولا ان محمود السعدني ذكرني به ... فقبل ان يموت محمود السعدني في عام 2010 التقيته في القاهرة عام 2002 عندما دعاني الى حفل عشاء في النادي الصحفي على النيل حيث عرفني على عدد من كبار الصحفيين ورجال الاعمال ومنهم صديقه الرسام طوغان ورجل الاعمال ابراهيم نافع ( غير الصحفي ) ... كانت بوادر المرض قد بدأت تظهر عليه ولكن بعد ان التقيته في لندن ( نوفمبر 2004 )  وكان معه ابنه اكرم كان محمود السعدني في حالة صحية يرثى لها .... كان مصابا بشلل كامل .. وبالكاد يستطيع ان يقف على رجليه ولم يكن ينطق الا بصعوبة بالغة وبلهجة غير مفهومة .. يومها مال محمود السعدني على اذني وبذل مجهودا كبيرا حتى يسأل وبصعوبة : ايه اخبار كتابك الصعاليك ؟ ... لم تكن لدي اجابة جاهزة عن السؤال وكان من الصعب علي ان اشغل السعدني بحكاية اللص صاحب دار النشر شريف الجيوسي فاكتفيت بالقول ان الكتاب لا زال قيد الطبع
بكسات شاكر الجوهري التي وجهها لوجه هذا النغل محمد شريف الجيوسي اسعدتني ... وحزنت كثيرا لما علمت ان هذا النغل يتحدث في عمان باسم الشعب السوري والجيش السوري لان مثل هذه الاشكال من اللصوص والارزقية وعديمي الاخلاق هي التي اساءت الى سوريا والى شعبها والى جيشها .. ومن باع شرفه بفرنكين يمكن ان ينقلب على سوريا وشعبها بريالين او درهمين .. هذه النماذج لا اخلاق لها ولا تستحق الا الضرب بالجزم والكنادر ليس فقط امام الشاشات وبرامج التلفاز  وانما في الشوارع ايضا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق