الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

  1.  الشرق الأوسط الجديد وخطط الدويلات الألعوبة

    في هذا الموضوع نلقي الضوء على الاستراتيجية الصهيو/أمريكو/أوروبية للمنطقة .. والقارتين الآسيوية واففريقية ..
    العراق كهدف استراتيجي للتفتيت .. فكر صهيوني قديم ..
    بلقنة بلاد الشام كمرحلة من بلقنة الشرق الأوسط ..

    المشاريع والخرائط المعدة للعالم!!

    خطة ينون - مشروع غولبيرغ - مشروع الشرق الأوسط الكبير- الصراع المفتعل بين المسلمين والمسيحيين
    في وطننا العربي
     - الكيان الصهيوني وإفريقية - و ..... صدام الحضارات ..

    قد لا يأتي الموضوع بترتيب معين .. بل إنني أرى أن يؤخذ ككل بلا تجزئة ولا ترقيع ومهما تعددت المصادر والفكار والروأى .. فإنها في النهاية تتمحور حول :
    - سيطرة الغرب -المتهالك والمتداعي- على العالم لقرن آخر او لطول امد يصله فكر شياطينه..
    - السيطرة الصهيونية -تحت العباءة الغربية- على ما يسمى بالشرق الوسط ومحيطه إن لم تكن بشكر تقليدي مباشر فلا بأس في السيطرة غير المباشرة على مقدرات شعوب المنطقة والتحكم عن بعد (بالريموت كنترول) بكل صغيرة وكبيرة فيه عبر اراجوزات يقبعون على كراسي الحكم فيه ..

    الشأن الراهن والأكثر سخونة اليوم هو الشأن السوري ..
    فماذا طبخوا لسوريا:

    في منتصف السبعينيات تنبهت الحركة الوطنية اللبنانية تؤازرها المقاومة الفلسطينية إلى مخطط انتشر بين المثقفين العرب تحت اسم "مخطط كيسنجر" ..
    فيما بعد سنرى أن كيسنجر ربما كان واجهة التطبيق لا أكثر .. وقد يكون قد وضع ملحه وبهاراته على الطبخة المعدة من قبل ان يظهر في صورة الحكم بامريكا ..
    الخطة باختصار كانت ترتكز على فكرة تقسيم بلاد الشام الشمالية (سوريا ولبنان) إلى دويلات طائفية متناحرة على نمط تجربة ناجحة في بلاد البلقان:
    1. دويلة شيعية في جنوب لبنان تكون على تماس مع الحدود دولة الكيان الصهيوني !!..
    2. دويلة درزية في إقليم الخروب اللبناني وجبل الدروز (جبل العرب) السوري ..
    3. دويلة مسيحية (عمادها المارونيون) في معظم جبل لبنان ..
    4. دويلة نصيرية (علوية) على الساحل السوري وتمتد عبر جبال صهيون ..
    5 دويلة سنية على ما تبقى من الخارطة ولا بأس في أن تأخذ خارطتها في بعض مناحيها شكل شريحة جبن سويسري..

    فكانت بداية التنفيذ بافتعال مجزرة حافلة عين الرمانة (كانت الحافلة تقل لاجئين فلسطينيين من سكان مخيم تل الزعتر في الدكوانة) .. لتتفجر حرب أهلية في لبنان أفقد التدخل الفلسطيني فيها توازن قوى محلي وأضفى عليها بعدا عربيا ..



    حافلة عين الرمانة




    باص نسخة عن «باص عين الرمانة» الذي أشعل الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، 
    كتب عليه شعار «نتذكر وما تنعاد» في بيروت أمس (أ.ف.ب)

    في تلك الفترة عمل حافظ الأسد رئيس سوريا على تطوير المنطقة التي تقطف فيها النصيريون حت ان بلدته "قرداح" قد تحولت غلى مدينة وشق إليها طريق اوتوستراد وأقيم بجوارها مطار دولي!!
    فقد كان يعيش المخطط ويواكب مراحله ..

    17 عاما من الحرب التي دمرت لبنان وخرجت قرب نهايتها قوات المقاومة الفلسطيني من الشرق العربي ليتم تشتيتها من جديد في 5 دول عربي أقربها يبعد عن فلسطين آلاف الكيلومترات ..
    وينعقد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر تحت شعار الانتصار ..
    اطرف تعليق على ذلك الانتصار كان من الشهيد ....
    إذ قال: ينقصنا كام انتصار لنقد مجلسنا في جنوب أفريقيا
    لكنه مع ذلك سار في فلك اللقاءات السرية مع الصهاينة فكان أن اغتيل:

    عصام سرطاوي لحظة اغتياله في البرتغال.
    وكان يعمل حينها مستشار للقائد ابو عمار.
    البرتغال/ البوفيرا- ابريل 1983 




    كانت هذه أكثر من مجرد مقدمة .. لنعتبرها مدخلا للموضوع من أبواب مختلفة ..


  2. تطهير طائفي في الساحل السوري 
    بمساعدة ايران 
    لإعلان الدولة العلوية

    08/05/2013 15:40:00






    المستقبل العربي
    كشف أستاذ بجامعة "هرتزيليا" العبرية وكذلك مصادر شيعية أخرى أن "حزب الله" وإيران بالاتفاق مع بشار الأسد ينفذون مخطط مجازر بانياس وضواحيها والقصير؛ بهدف تهجير السنَّة لترسيم حدود دويلة علوية على الساحل، تضم القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في الشرق الأوسط.

    ووفقًا لما أفادت به تقارير إعلامية، فإن بشار الأسد وافق على مقترح حمله إليه قياديان من الصف الأول في "حزب الله", تؤكد معلومات أن أحدهما هو نائب حسن نصر الله الشيخ نعيم قاسم، والآخر مدير الاستخبارات والأمن في الحزب "الجنرال" وفيق صفا، وهو عبارة عن "قبول من الحزب الإيراني في لبنان بإرسال نصف قواته المقاتلة إلى سوريا للذود عن النظام, مقابل سماح آل الأسد بنقل صواريخ أرض - جو مضادة للطائرات هي أحدث ما في الترسانة الروسية من أنظمة دفاعية جوية وصواريخ أرض - أرض".

    وكشف البروفسور بجامعة "هرتزيليا" إيلي كارمون المختص في شؤون مكافحة الإرهاب لصحيفة "جيروزالم بوست" العبرية أن إيران و"حزب الله" يسعيان الآن بناءً على مقترح موفدي الحزب لتشكيل جيش علوي - شيعي مع بقايا الجيش النظامي، قوامه في المرحلة الأولى 170 ألفًا؛ ليتمكن من رسم حدود دويلته الساحلية وتأمينها، والتي تضم القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في الشرق الأوسط.

    وأكد إيلي كارمون أن الدويلة الساحلية التي يسعى "حزب الله" وإيران لترسيمها ستضم أيضًا 3 قواعد بحرية إيرانية، أشرف على الانتهاء من أولها شمال اللاذقية, فيما العمل مستمر في إنشاء القاعدتين الأخريين ومطارين قربهما، وتصل في الجنوب إلى أواخر البقاع اللبناني المحاذي لحدود "إسرائيل".

    وأوضح البروفسور كارمون أن الجنرال سليماني قائد "فيلق القدس" زار دمشق في أواخر فبراير" - أوائل مارس الماضيين, لتقديم هذا التصور لـ"الأسد وشقيقه وقادة جيشه وحزبه" وقد أسماه "الخطة ب" في حال سقوط النظام.

    ومن جانبها، كشفت مصادر شيعية مقربة من حركة أمل ببيروت لصحيفة السياسة عن تقديراتها لعدد مقاتلي "حزب الله" في سوريا الآن بـ 7 آلاف، موزعين على دمشق وريفها وعلى طول الساحل، وأن نحو خمسة آلاف خبير ومقاتل, بعضهم يعمل بمشاركة "حزب الله" يلقون بثقلهم راهنًا على القصير ومحافظة حمص لـ"تحريرها" من السنة, ولفتح الطريق إلى أقصى شمال بانياس وطرطوس واللاذقية.

    وأكدت المصادر الشيعية أن "حزب الله" في بيروت أصدر أوامر صارمة لجميع هذه القوات بعدم المساس بسكان القرى والمدن والمناطق "المسيحية", بل نقلهم إلى المناطق العلوية - الشيعية الساحلية في محاولة لتأمين وضمان عدم وقوع هجمات غربية على الدويلة المزعومة.

    المصدر:
    http://www.almustaqbal-a.com/index.p...rld/16026.html

  3. بلقنة سوريا

    Posted on March 16, 2013 by مفكر حر
    أورينت نت – ترجمة لارا المحمد


    لقد دخل نظام الأسد منذ زمن بعيد في حالة التصدّع. والأمم المتحدة تتحدث عن سبعين ألف قتيل في النزاع السوري العنيف، الذي دخل هذا الشهر سنته الثالثة. وكانت الأيام الأخيرة عنيفة بشكلٍ كبير، وواضح. حمام الدماء مستمر، والوضع في سوريا مماثل في جدله، وضجيجه المشروع النووي الإيراني، فالعالم كلّه يندّد، ويشجب، ولا شيء حقاً يتغير.

    وفي خضمّ هذه الأحداث المتسارعة مازالَ الأسد في دمشق على يقين مطلق بأنه قادر على البقاء، والاستمرار. فهو على قناعة تامة بأنّ جميع الأقليات في دولته، بالإضافة إلى 30% من المسلمين السنة، خائفين من المستقبل الإسلامي لسوريا، أكثر بكثير من خوفهم من استمرار حكمه، أو زواله. كما أنّ الأسد على ثقةٍ كبيرة بأنّ الغرب في حالةِ قلقٍ، وخوف من أن يؤدي انهيار نظامه إلى اضطرابات دموية في لبنان، وفي الأردن. بالإضافة إلى أنّ الأسد يعرف تمام المعرفة بأنّ الغرب لا يعول على الثوار، ولهذا فهو لا يسارع إلى تسليحهم. ولهذا فهو يحافظ على السكينة والثقة. كما أنه على قناعة راسخة بأنه سينجح في هزيمة منظمات “الإرهاب” في سوريا، وأنّ الغرب لن يفعل شيئاً من شأنهِ أن يعجّل من سقوطه.
    إلا أنّ هناك طرحاً سياسياً جديداً بدأت روسيا بانتهاجه، وذلك بالتنسيق والتعاون مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. فقد نشر موقع ديبكا الإسرائيلي المعروف بقربه من الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، معلومات تؤكّد أنّ روسيا، وأمريكا اتفقتا على إنشاء خطوط هدنة لتقسيم سوريا إلى قطاعات منفصلة، جزء منها ستكون تحت سيطرة الثوار(كتائب المعارضة)، والجزء الآخر تحت سيطرة نظام الأسد. وبالنهاية تقسيم سوريا إلى دويلات على حسب الانتماء القومي، أو الاعتقاد المذهبي، لتكون-ربما- أنموذجاً عربياً متقدماً على الفيدرالية العراقية. بعد ما شاعَ من أمر الاستعصاء العسكري على الأرض لصالح أحد الطرفين المتصارعين، فتذرعوا بعد الوصول إلى صيغة توفيقية ترضي أحد الطرفين المتنازعين. وستكون خطة التقسيم هذه حسب ما أفادته مصادر الموقع، أساس العملية السياسية الأولى التي ستطرح للاتفاق لإنهاء عامين من الحرب الأهلية القائمة بين الأسد ومعارضيه. وأنّ الدولتين مصممتان على المضيّ قدماً تحتَ الإشراف الروسي الأمريكي المشترك. وتضيف مصادر ديبكا أنّ هناك عملاً جماعياً بين واشنطن وموسكو في السعي وراء هذه الخطة، التي هي بمثابة وثيقة. كما اتفقتا معاً على الحصول على أنواع الأسلحة التي سيتمّ توريدها إلى كلّ مجموعة من المجموعات المتمردة، وتقاسم التكاليف.
    وهذا هو جديد السياسة الأمريكية في سوريا، لأنه يقوم على اعتراف واشنطن بالوضع الجديد، وضرورة التعاون مع موسكو، بما في ذلك قبول حكم الأسد، من أجل إنقاذ بقايا النفوذ الأمريكي في معسكر المعارضة السورية.
    إدارة أوباما كما يذكر الموقع وصلت في النهاية إلى استنتاج مفاده أنّ الطريقة الوحيدة لاحتواء القوى الإسلامية في سوريا، والإبقاء على قدر من السيطرة الأمريكية على المتمردين، هو السير مع خطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه سوريا، حتى لو كانت تمرّ بالحفاظ على بشار الأسد في رأس السلطة حتى عام 2014.
    هذا وقد نشر الموقع ذاته في فترة سابقة تفاصيل حصرية عن الإجراء الذي يحاول الرئيس أوباما تنفيذه بمساعدة من موسكو. وتتضمن هذه الخطوة السياسية التي تعمل عليها واشنطن وموسكو سوياً مع طهران على بلورة اتفاقيات بشأن الملف النووي الإيراني والوضع في سورية. مما يعني تقاسم النفوذ بين روسيا، وإيران، والإدارة الأميركية في سوريا، بحيث تضمن بقاء واستمرار مصالحها في منطقة الشرق الأوسط.
    وكان الموقع قد ذكر أنّ: الإعلام الإسرائيلي نجح خلال الفترة الماضية في منع وصول هذه المعلومات، وكلّ ما يتعلق بهذه القضية إلى الرأي العام الإسرائيلي، وعدم ذكر أي شئ عن دور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في هذه الصفقة الجاري إعدادها بين أوباما، وبوتين، وخامنئي. وأكد الموقع الأمني الإسرائيلي أن هذه ليست إلا البداية لما سيحصل في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة.
    *عنوان المادة الأصلي :קווי שביתת נשק וחלוקת סוריה
    عن موقع ديبكا الإسرائيلي، 1/3/2013
    رد مع اقتباس



  4. إسرائيل وليبيا: تحضير افريقيا لصدام الحضارات

    بقلم: مهدي داريوس ناظم رؤية
    Mahdi Darius Nazemroaya*

    ترجمة: بثينة الناصري
    تحت إدارة اوباما وسَّعت الولايات المتحدة حربها طويلة الأمد الى افريقيا. وأصبح باراك حسين اوباما الذي يُدعى (ابن افريقيا) اعدى اعداء افريقيا، فإلى جانب دعمه المتواصل للدكتاتوريات الافريقية، انفصلت ساحل العاج، وحدث تقسيم السودان وساءت احوال الصومال وهوجمت ليبيا من قبل الناتو. والآن القيادة المركزية الامريكية في افريقيا (افريكوم) في اوج عنفوانها فالولايات المتحدة تريد المزيد من القواعد في افريقيا، كما اعلنت فرنسا حقها في التدخل العسكري في اي مكان في افريقيا لها فيه مواطنون فرنسيون ومصالح فرنسية معرضة للخطر. فيما الناتو يعزز مواقعه في البحر الاحمر وساحل الصومال.
    وفي حين تنتشر الاضطرابات مرة اخرى في افريقيا بالتدخلات الخارجية، تقبع اسرائيل صامتة في الخلفية. وتل ابيب متورطة بعمق في دورة الاضطراب الحالية التي ترتبط بخطة ينّون لاعادة تشكيل محيطها الستراتيجي. ويعتمد هذا التشكيل الجديد على اسلوب راسخ من خلق الانقسامات الطائفية التي بدورها سوف تحيّد الدول المستهدفة او تفككها.
    والكثير من المشاكل التي اصابت مناطق في شرق اوروبا ووسط آسيا وجنوب غربها، وشرقها، وافريقيا وامريكا اللاتينية، هي نتيجة لإشعال متعمد للحرائق الاقليمية من قبل قوى خارجية.
    ومنذ القدم تُستغل الانقسامات الطائفية والتوترات الإثنية اللغوية والاختلافات الدينية والعنف الداخلي، من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في اماكن متعددة من العالم. وما العراق والسودان ورواندا ويوغسلافيا ، الا امثلة قليلة حديثة لهذه الستراتيجية (فرق تسد) divide and conquer من اجل اركاع الشعوب.
    الاضطرابات في وسط وشرق أوروبا 
    ومشروع "الشرق الاوسط الجديد"

    يشبه الشرق الاوسط في بعض جوانبه البلقان ووسط وشرق أوروبا، خلال السنوات التي مهدت للحرب العالمية الاولى، شبها كبيرا.
    في اعقاب الحرب العالمية الاولى اُعيد رسم حدود الدول متعددة الأعراق في البلقان ووسط وشرق أوروبا واعيد تشكيلها من قبل القوى الخارجية بالتحالف مع قوى معارضة داخلية. ومنذ الحرب العالمية الاولى وحتى مابعد الحرب الباردة مرت البلقان ووسط شرق أوروبا بفترة اضطرابات وعنف وصراع ساعد على مواصلة تقسيم المنطقة.
    وعلى مدى سنوات طويلة كان هناك دعاة لشرق اوسط جديد، بحدود يُعاد رسمها لهذه المنطقة من العالم حيث تلتقي أوروبا وجنوب غرب اسيا وشمال افريقيا، وينطلق معظم هؤلاء الدعاة من واشنطن ولندن وباريس وتل ابيب. انهم يخططون لمنطقة تشكل من دول متجانسة عرقيا ودينيا. وتشكيل هذه الدول سوف يؤدي الى تدمير الدول الأكبر القائمة حاليا في المنطقة.
    والفكرة هي تشكيل دويلات صغيرة مثل الكويت او مثل البحرين يمكن ادارتها واستغلالها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واسرائيل وحلفائهم.


    استغلال اول "ربيع عربي" خلال الحرب العالمية الاولى
    بدأت خطط اعادة تشكيل الشرق الاوسط قبل الحرب العالمية الاولى بفترة طويلة. ولكن لم تظهر بوادرها الا خلال تلك الحرب، مع (الثورة العربية الكبرى) ضد الامبراطورية العثمانية.
    ورغم ان البريطانيين والفرنسيين والايطاليين كانوا قوى استعمارية منعت العرب من التمتع بأية حرية في دول مثل الجزائر وليبيا ومصر والسودان، فإنهم استطاعوا ان يصوروا انفسهم على انهم اصدقاء العرب وحلفاء التحرر العربي.
    خلال "الثورة العربية الكبرى" استخدم البريطانيون والفرنسيون، العرب، في الواقع، جنودا ضد العثمانيين من اجل تحقيق مشاريعهم الاستعمارية الجيوبوليتيكية. وافضل مثال على ذلك هو اتفاقية سايكس بيكو السرية بين لندن وباريس، حيث استطاعت فرنسا وبريطانيا استخدام واستغلال العرب بإقناعهم بفكرة التحرر العربي مما يسمى القمع العثماني.
    كانت الامبراطورية العثمانية امبراطورية متعددة الاعراق، وكانت تمنح في الواقع حكما ذاتيا محليا وثقافيا لكل شعوبها ولكنها كانت تعتبرها جزءا من كيان تركي. حتى (المذبحة الارمنية) التي وقعت في الاناضول يمكن تفسيرها بنفس اطار الاستهداف المعاصر للمسيحيين في العراق كجزء من خطة طائفية قام بها لاعبون من الخارج لتقسيم الامبراطورية العثمانية والاناضول ومواطني الامبراطورية العثمانية.
    بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، قمعت لندن وباريس، العرب، وفي نفس الوقت، كانتا تزرعان بذور الانقسام بين الشعوب العربية.
    كان الحكام العرب المحليون الفاسدون شركاء في المشروع وكان أقصى آمال الواحد منهم أن يكون مجرد عميل لبريطانيا أو فرنسا.
    بنفس المضمون، يتم استغلال "الربيع العربي" حاليا، حيث تعمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واخرون الآن بمساعدة قادة عرب فاسدين لإعادة تشكيل العالم العربي وافريقيا.


    خطة ينون

    خطة ينون هي استمرار للاستراتيجية البريطانية في الشرق الاوسط وهي خطة استراتيجية اسرائيلية لضمان تفوق اسرائيلي. وتتلخص في ان على اسرائيل اعادة تشكيل محيطها الجيوبوليتيكي من خلال بلقنة الدول الشرق اوسطية والعربية الى دول اصغر واضعف.
    وكان المخططون الاسرائيليون يرون في العراق التحدي الاستراتيجي الأكبر بين الدول العربية. ولهذا السبب اختير العراق كمحور لبلقنة الشرق الاوسط والعالم العربي. وحسب مفاهيم خطة ينون، دعا المخططون الاسرائيليون الى تقسيم العراق الى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة للمسلمين الشيعة والاخرى للمسلمين السنة. وكانت اول الخطوات باتجاه ترسيخ ذلك هي الحرب بين العراق وايران التي ناقشتها خطة ينون.
    نشرت صحيفة Atlantic في 2008 وصحيفة القوات المسلحة للجيش الامريكي في 2006 ، الخارطتان التاليتان اللتين وزعتا بشكل واسع وهما ترتبطان بخطة ينون.


    خارطة مشروع غولبيرغ

    خارطة مشروع الشرق الأوسط الكبير

    فإلى جانب عراق مقسم والذي تدعو اليه خطة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، ايضا، فإن خطة ينون تدعو الى تقسيم لبنان ومصر وسوريا . وعلى نفس الخطوط، يتم تقسيم ايران وتركيا والصومال وباكستان. وتدعو خطة ينون ايضا للتفكيك في شمال افريقيا وتتنبأ بأن يبدأ ذلك من مصر ثم السودان وليبيا وبقية المنطقة.

    الصراع المفتعل بين المسلمين والمسيحيين
    في وطننا العربي لمصلحة من؟

    محو المجتمعات المسيحية من الشرق الاوسط
    ليس صدفة أن تتم مهاجمة المسيحيين المصريين في نفس وقت الاستفتاء حول جنوب السودان وقبل ازمة ليبيا. وليس صدفة ان يُجبر المسيحيون العراقيون وهم من اقدم المجتمعات المسيحية في العالم على الهجرة، تاركين ارض اجدادهم في العراق.
    ويترافق مع خروج المسيحيين العراقيين الذي حدث تحت انظار وصمت القوات العسكرية الامريكية والبريطانية، تطهير بغداد طائفيا حيث اُجبر الشيعة والسنة بالعنف وفرق الموت لتشكيل جيوب طائفية. كل هذا يرتبط بخطة ينون واعادة تشكيل المنطقة كجزء من هدف اوسع.
    في ايران، حاول الاسرائيليون بدون جدوى تهجير المجتمع اليهودي الايراني. وهو ثاني اكبر تجمع يهودي في الشرق الاوسط واقدم مجتمع يهودي متماسك في العالم. حيث ينظر اليهود الايرانيون الى انفسهم باعتبارهم ايرانيين مرتبطين بالوطن مثلهم مثل الايرانيين المسلمين والمسيحيين، ويستخفون بمفهوم ضرورة الهجرة الى اسرائيل لأنهم يهود.
    في لبنان، حاولت اسرائيل اثارة التوترات الطائفية بين مختلف الطوائف المسيحية والمسلمة والدرزية.
    لبنان هو منصة قفز الى سوريا وتقسيم لبنان الى عدة دول يمهد لبلقنة سوريا الى دول عربية طائفية اصغر.
    اهداف خطة ينون هي تقسيم لبنان وسوريا الى عدة دول على اساس ديني وطائفي للسنة والشيعة والمسيحيين والدروز. ايضا ربما يكون هناك مسعى لتهجير المسيحيين من سوريا ايضا.
    وقد عبَّر رئيس كنيسة أنطاكية المارونية السريانية الكاثوليكية، وهي اكبر الكنائس الكاثوليكية الشرقية،عن مخاوفه من عمليات تطهير المسيحيين العرب في الشرق. ويخشى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والكثير من القادة المسيحيين في لبنان وسوريا من هيمنة الاخوان المسلمين على سوريا.
    ومثل العراق، هناك جماعات غامضة تهاجم المجتمع المسيحي في سوريا. وقد عبر أيضا قادة الكنيسة الارثوذوكسية الشرقية بضمنهم البطريرك الارثوذوكسي الشرقي في القدس، عن مخاوفهم العميقة. والى جانب العرب المسيحيين ، فإن القلق ينتاب المجتمعات الاشورية والارمنية وهم مسيحيون طبعا.
    البطريرك الراعي كان مؤخرا في باريس وقابل الرئيس نيكولا ساركوزي . ويقال انه كانت هناك خلافات بين البطريرك الماروني وساركوزي حول سوريا، مما دفع ساركوزي للقول ان النظام السوري سوف ينهار. وكان موقف البطريرك الراعي انه ينبغي ترك سوريا لتقوم بالاصلاحات. وقال ايضا لساركوزي انه اذا ارادت فرنسا نزع سلاح حزب الله ، فينبغي عليها في نفس الوقت التعامل مع خطر اسرائيل.
    وبسبب موقفه في فرنسا فقد توجه زعماء روحيون مسيحيون ومسلمون في سوريا الى لبنان لتقديم الشكر له.
    وفي المقابل تعرض لانتقادات من تحالف 14 آذار الذي يقوده الحريري بسبب موقفه من حزب الله ورفضه دعم الاطاحة بالنظام السوري. وينوي الحريري ان يعقد مؤتمرا لشخصيات مسيحية لإعلان رفض موقف البطريرك الراعي والكنيسة المارونية. وقد بدأ حزب التحرير الذي يعمل في لبنان وسوريا بانتقاده ايضا. كما ألغى مسؤولون امريكيون كبار لقاءاتهم المقررة مع البطريرك الماروني اشارة الى انزعاجهم من مواقفه من حزب الله وسوريا.
    ويعمل تحالف 14 آذار في لبنان والذي كان دائما اقلية شعبية (حتى حين كان اغلبية برلمانية) يدا بيد مع الولايات المتحدة واسرائيل والسعودية والاردن ومجاميع تستخدم السلاح والارهاب في سوريا.
    وينسق الاخوان المسلمون ومايسمى الجماعات السلفية ويجرون محادثات سرية مع الحريري والاحزاب السياسية المسيحية في تحالف 14 آذار. وهذا هو سبب انقلاب الحريري وحلفائه على الكاردينال الراعي. كما أن الحريري وتحالف 14 آذار هم الذين جاءوا بجماعة (فتح الاسلام) الى لبنان وساعدوا بعض اعضائه للهرب الى سوريا للقتال هناك.
    هناك خطة لتهجير المسيحيين من الشرق الاوسط تقوم بها واشنطن وتل ابيب وبروكسل. ويقال الان ان الرئيس نيكولا ساركوزي أبلغ البطريرك الراعي في باريس بإمكانية اعادة توطين مسيحيي الشرق، في الاتحاد الاوربي. وهذا ليس عرضا كريما، بل هو صفعة على الوجه تسددها نفس القوى التي خلقت، عمدا، الظروف لمحو المجتمعات المسيحية العريقة في الشرق الاوسط. ويبدو ان الهدف هو اعادة توطين المسيحيين خارج المنطقة لصف الشعوب العربية على خطوط شعوب مسلمة حصريا. وهذا يتطابق مع خطة ينون.


    إعادة تقسيم افريقيا حسب خطة ينون
    في نفس إطار التقسيم الطائفي للشرق الاوسط، رسم الاسرائيليون خططا لاعادة تشكيل افريقيا. وتسعى خطة ينون الى تقسيم افريقيا على ثلاثة أسس:
    1- الاثنيات اللغوية
    2- لون البشرة
    3- الدين
    تسعى الخطة لرسم حدود في افريقيا بين ما يسمى (افريقيا السوداء) وشمال افريقيا (غير الاسود). وهذا جزء من خطة لخلق هوة في افريقيا بين ما يفترض انهم (عرب) ومايسمون (السود) ، في محاولة لمنع اندماج الهوية العربية والافريقية.
    وهذا الهدف هو وراء ترويج وتشجيع التعريف الغريب (جنوب السودان الافريقية) و(شمال السودان العربية). وايضا هذا هو السبب في استهداف الليبيين من ذوي البشرة السوداء في حملة تطهير (لوني) في ليبيا.
    ان مايجري هو فصل الهوية العربية لشمال افريقيا عن الهوية الافريقية. وفي نفس الوقت هناك محاولة لمحو السكان (العرب السود) حتى يكون هناك خط واضح بين (افريقيا السوداء) و(شمال افريقيا غير الاسود) مما يحولها الى ميدان معركة بين بقية البربر والعرب (غير السود).
    في نفس المضمون، تخلق فتن بين المسلمين والمسيحيين في افريقيا، في اماكن مثل السودان ونيجيريا من اجل خلق المزيد من نقاط الانفصال والتقسيم. والهدف من هذه الانقسامات على اساس اللون والدين والعرق واللغة يقصد منه تفكيك الوحدة الافريقية. كل هذا جزء من استراتيجية افريقية اوسع لفصل شمال افريقيا عن بقية القارة الافريقية.


    اسرائيل والقارة الافريقية

    لقد تغلغل الاسرائيليون في القارة الافريقية منذ سنوات. في الصحارى الغربية التي تحتلها المغرب، ساعد الاسرائيليون على بناء جدار امني عازل مثل جدار الضفة الغربية.
    في السودان، سلَّحت تل ابيب الحركات الانفصالية والمتمردين.
    في جنوب افريقيا دعمت اسرائيل نظام الفصل العنصري واحتلاله ناميبيا. في 2009 اعلنت وزارة الخارجية الاسرائيلية سعي تل ابيب لتجديد تركيزها على افريقيا.

    لإسرائيل هدفان في افريقيا:
    الأول: فرض خطة ينون بما يتناسب مع مصالحها الخاصة، والثاني: مساعدة واشنطن لتبسط سيطرتها على افريقيا. وفي هذا الشأن دفع الاسرائيليون في اتجاه اقامة افريكوم (القيادة المركزية الامريكية في افريقيا) . ويمكن اعتبار معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة IASPS وهو مؤسسة فكرية اسرائيلية، مثالاً واحداً على ذلك.
    أسندت واشنطن مهامها الاستخبارية في افريقيا الى تل ابيب التي تنهمك بذلك باعتبارها طرفا في حرب اوسع ليس فقط (داخل) افريقيا وانما (على) افريقيا.

    في هذه الحرب، تعمل تل ابيب جنبا الى جنب واشنطن والاتحاد الاوربي ضد الصين وحلفائها بضمنهم ايران. وعلى الطرف الآخر، تعمل طهران الى جانب بكين بنفس طريقة تل ابيب وواشنطن.
    تساعد ايران الصينيين في افريقيا من خلال العلاقات والروابط الايرانية ومنها ارتباط طهران بمصالح الشركات اللبنانية والسورية في افريقيا .
    وهكذا ضمن تنافس اوسع بين واشنطن وبكين، هناك تنافس اسرائيلي- ايراني داخل افريقيا (1).
    وقد أصبحت السودان ثالث اكبر منتج سلاح في افريقيا نتيجة للدعم الايراني في تصنيع السلاح. وفي هذه الاثناء، في حين توفر ايران المساعدة العسكرية للخرطوم والتي تتضمن العديد من اتفاقيات التعاون الامني، تتخذ اسرائيل مواقف ضد السودانيين. (2) .


    اسرائيل وليبيا

    اُعتبرت ليبيا (مُفسدة) حيث قللت من شأن مصالح القوى الاستعمارية السابقة في افريقيا. وبهذا الشأن، قامت ليبيا بتنفيذ عدة خطط تنمية صناعية افريقية شاملة من اجل تطويرها ودمجها في وحدة سياسية. وقد تعارضت هذه المبادرات مع مصالح القوى الخارجية المتنافسة مع بعضها في افريقيا، وبشكل خاص واشنطن ودول الاتحاد الاوروبي الكبيرة. وفي هذا الشأن كان يجب اعاقة ليبيا وتحييدها كجهة داعمة لتقدم الدول الافريقية ووحدتها.
    وهنا كان دور اسرائيل واللوبي الاسرائيلي مهما في فتح الباب للتدخل العسكري للناتو في ليبيا. وطبقا لمصادر اسرائيلية ، كانت مراقبة الامم المتحدة UN Watch هي الجهة التي نسَّقت الاحداث في جنيف لاخراج ليبيا من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ، والطلب من مجلس الامن للتدخل. (3)
    ترتبط مراقبة الامم المتحدة رسميا مع اللجنة اليهودية الامريكية AJC والتي لها اكبر الاثر في تشكيل السياسة الخارجية الامريكية وهي جزء من اللوبي الاسرائيلي في الولايات المتحدة. أما الاتحاد العالمي لحقوق الانسان FIDH الذي ساعد في اطلاق مزاعم غير مؤكدة من قتل القذافي لستة الاف من شعبه، فهو يرتبط ايضا باللوبي الاسرائيلي في فرنسا.
    وكانت تل ابيب في تواصل مستمر مع كل من المجلس الانتقالي والحكومة الليبية في طرابلس. وكان عناصر الموساد في طرابلس ايضا، احدهم كان مدير محطة سابق. وفي نفس الوقت كان اعضاء فرنسيون من اللوبي الاسرائيلي يزورون بنغازي. وللمفارقة، كان المجلس الانتقالي يتهم العقيد القذافي بانه يعمل مع اسرائيل، في الوقت الذي كان المجلس يتعهد امام موفد ساركوزي الخاص برنار هنري ليفي بالاعتراف باسرائيل، من اجل ان ينقل ليفي هذه الرسالة الى القادة الاسرائيليين (4) .
    نمط مشابه لروابط اسرائيل بالمجلس الانتقالي، جرى في جنوب السودن في المراحل الاولى حيث كانت اسرائيل تقدم السلاح. 
    ورغم موقف المجلس الانتقالي من اسرائيل، فإن اعضاءه مازالوا يحاولون شيطنة القذافي بالزعم انه "يهودي" في السر، وهذا يجانب الصواب وفي نفس الوقت، يعكس حالة من العنصرية، لإن هذه الاتهامات كان المقصود بها اغتيال شخصية القذافي باعتبار ان "اليهودي" كلمة مشينة.
    في الواقع ان اسرائيل والناتو في خندق واحد. اسرائيل هي عضو في الناتو "بالامرالواقع". وحقيقة ان القذافي كان يتقرب من اسرائيل، في حين يعمل المجلس الانتقالي مع الناتو، يعني أن الناتو واسرائيل يحركان طرفين أحمقين ضد بعضهما البعض.

    تهيئة رقعة الشطرنج لصدام الحضارات

    في هذه النقطة ينبغي ان نجمع كل القطع ونضع النقاط على كل الحروف. 


    خارطة توضح توزيع الحضارات العالمية
    وتعكس نموذج صموئيل هتنغتون لصراع الحضارات
    رقعة الشطرنج تهيأ لصدام الحضارات وكل قطع الشطرنج توضع في اماكنها. العالم العربي يحاصر ويعزل وترسم خطوط تقسيم حادة في دوله.
    بموجب هذه الخطة، لن يكون هناك انتقال واندماج بين المجتمعات والدول. وهذا هو السبب في استهداف المسيحيين في الشرق الاوسط وشمال افريقيا كما يحدث مع الاقباط في مصر حاليا. وهذا هو السبب ان العرب السود والبربر السود والسكان الليبيون السود يتعرضون لمذبحة في شمال افريقيا.
    مايجري تحضيره هو خلق منطقة (شرق اوسط مسلم) (ماعدا اسرائيل) ستكون في حالة صراع بسبب التقاتل السني الشيعي.
    وسيناريو مشابه يتم التحضير له لمنطقة (شمال افريقيا غير سوداء) ستتميز بالحروب بين العرب والبربر. وفي نفس الوقت وحسب نموذج (صدام الحضارات) سيكون الشرق الاوسط وشمال افريقيا في صراع مع ما يسمى (الغرب) و (افريقيا السوداء) .

    هذا هو سبب تصريحات نيكولا ساركوزي في فرنسا وديفد كاميرون في بريطانيا عند بداية الصراع في ليبيا بأن التعددية الثقافية ماتت في مجتمعاتهما الاوروبية الغربية. (5)
    إن التعددية الثقافية تهدد شرعية أجندة حرب الناتو. كما انها تشكل عائقا لتنفيذ صدام الحضارات الذي يعتبر حجر الزاوية في السياسة الخارجية الامريكية .
    وحول هذا الشأن، يوضح زبغينيو بريجنسكي مستشار الامن القومي الأميركي الأسبق سبب كون التعددية الثقافية خطرا على واشنطن وحلفائها بقوله "كلما زاد تحول امريكا الى مجتمع متعدد الثقافات، ستجد صعوبة في تشكيل رأي عام موحد على قضايا السياسة الخارجية ، مثلا الحرب مع العالم العربي أو الصين أو ايران او روسيا والاتحاد السوفيتي السابق، ماعدا في ظروف وجود خطر خارجي مباشر وهائل. ومثل هذا الإجماع حدث خلال الحرب العالمية الثانية وحتى اثناء الحرب الباردة (والان بسبب الحرب الكونية على الارهاب). (6)
    والجملة التالية لبريجنسكي هي التي توضح سبب رفض الشعوب او تأييدها للحروب "الإجماع كان متجذرا، على اية حال، ليس فقط في القيم الديموقراطية المشتركة التي احس الرأي العام انها تتعرض للتهديد ولكن ايضا في التقارب الثقافي والعرقي للاوروبيين الذين شعروا انهم ضحايا دكتاتوريات معادية."(7) 

    نموذج صموئيل هتنغتون لصراع الحضارات بحسب الاثنيات

    واكرر ثانية ، من اجل منع هذا التقارب العرقي والثقافي بين الشرق الاوسط/ شمال افريقيا وما يسمى (العالم الغربي) و(افريقيا جنوب الصحراء الكبرى)، يستهدف المسيحيون والناس السود في هذه المنطقة.

    العرقية والايديولوجية: تبرير "الحروب العادلة" المعاصرة

    في الماضي كانت القوى الاستعمارية لأوروبا الغربية تلقن شعوبها، بهدف الحصول على الدعم للغزو الاستعماري. كان هذا يأخذ شكل نشر المسيحية وترويج القيم المسيحية بدعم من التجار المسلحين والجيوش الاستعمارية. في نفس الوقت كانت تنشر الايديولوجيات العنصرية، حيث كانت تصور شعوب الاراضي المحتلة على انهم اقل شأنا من البشر. وكان الخطاب الدعائي يدور حول "مسؤولية الرجل الأبيض" للقيام بحملة تمدين (الشعوب غير المتحضرة في العالم) وكان هذا الاطار الايديولوجي يستخدم لتصوير الاستعمار على انه (قضية عادلة) وشرعية طالما انها تهدف الى تمدين الشعوب البدائية.
    اليوم لم تتغير الخطط الامبريالية للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا، ماتغير هو الحجة والتبرير لشن حروب استعمارية جديدة وغزو البلاد.
    خلال الفترة الكولونيالية كان الخطاب والتبريرات لشن الحرب يقبلها الرأي العام في بلاد المستعمرين مثل بريطانيا وفرنسا. اليوم تشن (الحروب العادلة) (والقضايا العادلة) تحت رايات حقوق المرأة وحقوق الانسان والتدخلات الانسانية والديمقراطية.
    *مهدي داريوس ناظم رؤية، عالم اجتماع وباحث في مركز بحث العولمة في مونتريال مدينة بكندا. متخصص في شؤون الشرق الاوسط ووسط اسيا. 



    هوامش:


    [1] The Economist, "Israel and Iran in Africa: A search for allies in a hostile world," February 4, 2011.
    [2] Ibid.
    [3] Tova Lazaroff, "70 rights groups call on UN to condemn Tripoli," Jerusalem Post, February 22, 2011.
    [4] Radio France Internationale, "Libyan rebels will recognise Israel, Bernard-Henri Lévy tells Netanyahu," June 2, 2011.
    [5] Robert Marquand,"Why Europe is turning away from multiculturalism," Christian Science Monitor, March 4, 2011.
    [6] Zbigniew Brzezinski, The Grand Chessboard: American Primacy and Its Geostrategic Imperatives (New York: Basic Books October 1997), p.211
    [7] Ibid.

    ملاحظة:
    نشرت المقالة باللغة الانجيليزية هنا.
    المصدر: http://www.alwaie.com/StudiesAndRese...x?News_ID=7936
    واستكملت الخرائط من مصادر اخرى..

    ترجمة اخرى:
    http://strategy.unblog.fr/2013/04/17...3%D9%88%D8%AF

  5. الثورات العربية ومشروع الشرق الأوسط الجديد 
    المصدر: الأهرام -الطبعة الدولية 







    الأشهر التي انقضت علي بدء "الثورات" العربية بكل عنفها وعصفها ودمارها، لم تسمح حتي الآن بقراءة متأنية هادئة في المشهد الاقليمي. هذا المشهد لم ينجلِ حتي الساعة عن حقائق نهائية في تونس كما في مصر، ولا عن ملامح واضحة لمستقبل اليمن وليبيا وسوريا، والحالة الضبابية مرشحة لأن تطول اشهراً وربما سنوات، قبل أن تستقر علي ثوابت واضحة.
    لكن الدخان الذي يلف الساحات والميادين، وعدد الضحايا الذي يتزايد هنا وهناك وهنالك، وجبل الأوهام الكبير الذي يتراكم باسم "الحرية والديمقراطية"، لا يمكن أن تحجب مجموعة حقائق كبيرة خلاصتها ان المنطقة دخلت فعلاً (بعد حربي العراق وأفغانستان) مرحلة "الفوضي الخلاقة" التي أعد لها "المحافظون الجدد" بالتعاون مع الخبراء الاستراتيجيين الاسرائيليين، وما يحدث علي امتداد الخريطة العربية هو ترجمة ميدانية لهذا الدخول في ظل شعارات "ثورية"، تمهيداً لتفتيت المنطقة الي دويلات عنصرية وطائفية، تلعب فيها "اسرائيل الكبري" دور المركز، فيما تلعب الطوائف والأعراق والقبائل دور الضواحي. "الكفاح العربي" تحاول أن تستجلي العناوين العريضة لموسم الحرائق العربية.
    نبدأ من مصر. 
    في سلسلة مقالات بعنوان "مصر والحرب المقبلة" نشرها الدكتور محمد عمارة في الثمانينيات نقلاً عن مجلة يصدرها البنتاجون (وزارة الدفاع الأميركية) ونقلتها مجلة "كيفونيم" في القدس ( فبراير 1982 ) كلام عن أن الخطة الاسرائيلية ـ الأميركية تقضي بتقسيم مصر الي اربع دويلات:
    1- سيناء وشرق الدلتا (تحت النفوذ اليهودي). ليتحقق حلم اليهود من النيل الي الفرات.
    2- الدولة النصرانية عاصمتها الاسكندرية، تمتد من جنوب بني سويف حتي جنوب أسيوط وتتسع غربا لتضم الفيوم. ثم تمتد في خط صحراوي عبر وادي النطرون الذي يربط هذه المنطقة بالاسكندرية، وتتسع مرة اخري لتضم ايضا جزءا من المنطقة الساحلية الممتدة حتي مرسي مطروح.
    3- دولة النوبة المتكاملة مع الاراضي الشمالية السودانية، عاصمتها اسوان، تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصر حتي شمال السودان باسم "بلاد النوبة" بمنطقة الصحراء الكبري، لتلتحم مع دولة البربر التي سوف تمتد من جنوب المغرب حتي البحر الاحمر.
    4- مصر الاسلامية عاصمتها القاهرة، تضم الجزء المتبقي من مصر، ويراد لها ان تكون ايضا تحت النفوذ الاسرائيلي. اذ انها تدخل في نطاق "اسرائيل الكبري" كما رسم حدودها المشروع الصهيوني.
    مصر الاربع دويلات هذه عادت الي التداول بعد فترة من قيام "الثورة المصرية"، عندما كشف المجلس العسكري بصورة مفاجئة عن مؤامرة تستهدف وحدة البلاد الجغرافية محذراً من أخطار المرحلة المقبلة.

    عملية الكشف تمت في لقاء عدد من قيادات القوات المسلحة بممثلي ما يسمي "ائتلاف مجلس قيادة الثورة المصرية"، عرضت خلاله وثائق تؤكد وجود مؤامرة داخلية وخارجية (لم تعرض تفاصيلها) لتقسيم مصر الي ثلاث دويلات نوبية وقبطية واسلامية. 
    أحد أعضاء الائتلاف (محمد عباس) قال بعد الاجتماع: "إن هذه الوثائق تكشف عن عدة أهداف وهي الوقيعة بين الشعب والشرطة لإغراق البلاد في الفوضي، والتأثير علي الحالة الاقتصادية والاجتماعية، والوقيعة بين الأقباط والمسلمين لزعزعة استقرار البلاد، وإظهار مصر في صورة سيئة توحي للعالم بوجود فتنة طائفية". 
    وأضاف: المؤامرة تهدف أيضاً إلي الوقيعة بين الشعب والجيش لمعاقبة القوات المسلحة علي وقوفها إلي جانب الثورة وحمايتها، وأيضاً التأثير علي القوة العسكرية للدولة وإضعافها.
    وأوضح الجيش أن الهدف النهائي من كل ما سبق هو تفتيت مصر إلي دويلات صغيرة، وأشارَ إلي أن ذلك يأتي في إطار خطة أوسع لتقسيم الدول العربية مثلما حدث مع السودان، والمحاولات التي جرت في العراق وتجري حالياً في ليبيا، كي تصبح مصر في غاية الضعف أمام إسرائيل بحيث تكون اسرائيل هي مخلب القط في الشرق الأوسط الجديد.
    وبشيء من التفصيل كشف اللواء حسام سويلم الخبير المصري الاستراتيجي قبل أيام، عن مخطط اميركي ـ اسرائيلي لتقسيم (أو اعادة تقسيم) العالم العربي الي كانتونات عرقية وطائفية، مؤكداً أن الولايات المتحدة عملت علي إعداد مجموعات فاعلة من الشباب العربي تقود "الثورات" القائمة تحت شعارات "الديمقراطية" في خدمة هذا المشروع، بدليل أن عدداً من شباب "الثورة المصرية" تدربوا في اميركا منذ العام 2005علي برامج تحمل عنوان "الديمقراطية ومهارات التنظيم السياسي".

    وفي حوار مع قناة "الحياة الفضائية" أكد سويلم وجود مخططات اميركية ـ اسرائيلية ذات منشأ اسرائيلي، وقال ان لاسرائيل في الواقع ثلاثة مخططات للتقسيم اولها مشروع جابوتسكي في العام 1937 وهو بعنوان "الكومنولث العبري" وهو يهدف الي قيام "دولة اسرائيل" الكبري التي تدور في فلكها دويلات مقسمة عرقياً ومذهبياً وطائفياً ترتبط بها اقتصادياً واستراتيجياً وأمنياً. الثاني هو مشروع بنجوري (1957) الرامي الي تقسيم لبنان الي مجموعة كانتونات مسيحية، درزية، شيعية، سنية، فلسطينية الي جانب بيروت التي تكون تحت وصاية دولية.
    وأشار سويلم إلي أنّ المخطط الثالث ظهر في العام 1974 بعد "حرب اكتوبر" وقد وضعه عرويد بنيون، وهو دبلوماسي كان مدير مكتب" مناحم بيغن"، وكتب في مجلة "ديركشن" استراتيجية إسرائيل في الثمانينيات، وهو مخطط يتحدث عن إعادة احتلال سيناء وثلاث مدن من الضفة الغربية لقناة السويس هي السويس- بورسعيد الإسماعيلية، ثم تقسيم مصر إلي عدة دويلات دولة إسلامية تمتد من شرق الدلتا إلي المنيا وعاصمتها القاهرة، والدولة الثانية نصرانية من غرب الدلتا إلي مطروح ووادي النطرون وعاصمتها الإسكندرية، والدولة الثالثة النوبة تمتد من أسيوط جنوبًا إلي جزء من شمال السودان.
    وأوضح الخبير العسكري أنّ المخطط أيضًا هدف إلي تقسيم السودان إلي شمال مسلم وجنوب مسيحي، ودارفور، والعراق إلي دويلة كردستان ودويلة سنية ودويلة شيعية، وسوريا إلي دويلة علوية في منطقة الساحل ودويلة حلب السنية ودمشق السنية ثم دويلة درزية في الجنوب، وتقسيم المغرب العربي إلي دويلة البربر وتضم جزءًا من ليبيا والمغرب والصحراء الكبري ودويلة بوليساريو وهي المتنازع عليها الآن بين الجزائر والمغرب. وأضاف سويلم أنّ ذلك كان أول تقسيم لمصر والدول العربية.
    وعن المخططات الأميركية كان مخطط "برنارد لويس" وهو باحث إستراتيجي يهودي وأستاذ الدراسات الإسلامية والعربية، وهو مخطط لا يختلف كثيرًا عن المخططات الإسرائيلية، لكنه أضاف "الأردن الكبير" الذي سيأخذ جزءًا من السودان والضفة الغربية، ودولة الشيعة العرب التي تضم جزءًا من شرق السعودية وشيعة العراق، وكردستان الحرة التي تضم أكراد تركيا وأكراد سوريا والعراق، وأكراد إيران. كما أكد سويلم أن تقرير المعهد الدولي لبحوث العولمة في واشنطن أفاد أنّ وكالات المخابرات الاميركية والبنتاغون قاما بإعداد مخططات لتغيير الأنظمة الحاكمة بطرق غير تقليدية، تبدأ بتحريك مجموعات شبابية ترتبط بوسائل إلكترونية تمارس الإضرابات وأساليب الكر والفرّ والتحرك مثل أسراب النحل، وذلك بهدف خلق أنظمة حكم موالية للولايات المتحدة تسهم في تنفيذ مخططات التفتيت، وهذه المخططات تَمّ تنفيذ جزء منها بالفعل في ما عرف بالثورات الملونة في جورجيا والثورة الخضراء ضد نجاد في إيران وثورة الأرز في لبنان وثورة اللوتس في مصر.

    وثائق
    هذا الكلام يستند في الواقع الي مجموعة وثائق معززة بخرائط مرسومة بعناية، نشرت في مواقع اميركية رسمية (موقع armedforces journal.com بصورة خاصة) التابع للجيش الاميركي، بتوقيع رالف بيترز بعنوان "كيف يمكن قيام شرق أوسط افضل؟" والوثيقة تتسارع الي القول بأن "الشرق الأوسط" المقصود هو "الشرق الاوسط الكبير" لا غيره وأن الاطراف الرابحة فيه ستكون بصورة اساسية: الدولة العربية الشيعية، أرمينيا، اذربيجان، بلوشستان الحرة، كردستان الحرة، الدولة الاسلامية المقدسة، الاردن، لبنان واليمن. أما لائحة الخاسرين فتضم بصورة اساسية افغانستان وإيران.

    وللوثيقة قصة تروي، وقد ظهرت للمرة الاولي في موقع Global Research الالكتروني بتاريخ ( 18 نوفمبر) 2006. نقرأ في الموقع: "الهيمنة قديمة قدم البشرية، عبارة اطلقها مستشار الامن القومي الاميركي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي في اواخر السبعينيات من القرن الفائت. أما عبارة "الشرق الأوسط الجديد"، فقد رأت النور في (يونيو) 2006، في تل ابيب، علي لسان وزيرة الخارجية الاميركية آنذاك كوندوليزا رايس، التي قالت وسائل الاعلام الغربية عنها انها استخدمت هذه العبارة، لتحل مكان العبارة الأقدم "الشرق الاوسط الكبير".
    هذا التحول في تعابير السياسة الخارجية الاميركية، تزامن مع تدشين مشروع خط انابيب النفط (باكو ـ تبليسي ـ جيهان)، في شرق البحر الابيض المتوسط، كما ان عبارة "الشرق الاوسط الجديد" وصلت الي اوجها، في تصريحات وزيرة خارجية اميركا ورئيس وزراء اسرائيل، في عز الحصار الاسرائيلي للبنان في العام 2006، بدعم انغلو ـ اميركي، يوم أبلغ أولمرت ورايس وسائل الاعلام العالمية أن "مشروعاً لخلق شرق اوسط جديد، قد انطلق من لبنان".

    هذا الاعلان شكل تأكيدا لوجود "خريطة طريق عسكرية"، بريطانية ـ اميركية ـ اسرائيلية، في الشرق الاوسط. هذا المشروع الذي كان في مراحله التحضيرية منذ سنوات عدة يقضي بخلق قوس من عدم الاستقرار، والفوضي، والعنف، يمتد من لبنان الي فلسطين وسوريا والعراق، والخليج العربي وايران وصولا الي حدود افغانستان الشرقية والشمالية، مرورا بدول شمال افريقيا.
    ومشروع "الشرق الاوسط الجديد" جري الاعلان عنه رسمياً من قبل واشنطن وتل ابيب، وسط توقعات خلاصتها ان لبنان سيكون نقطة الضغط لإعادة تصحيح الشرق الاوسط بكامله، وبالتالي لإطلاق قوي "الفوضي البناءة". هذه الفوضي البناءة، التي اسفرت عن اعمال عنف وحروب في المنطقة، سوف يتم استخدامها علي مراحل متقاربة، بشكل يمكن الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل، من اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط بما يتناسب مع حاجاتها وأهدافها الجيوـ استراتيجية.

    خطاب كوندوليزا رايس حول "الشرق الاوسط الجديد" حدد اطار العمل. فالهجمات الوحشية الاسرائيلية علي لبنان ـ والتي كانت مدعومة كليا من واشنطن ولندن ـ بلورت اكثر الاهداف الجيوستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل. البروفسور مارك ليفاين قال في حينه ان المحافظين الجدد في ادارة جورج دبليو بوش، يرون ان "التدمير الخلاق" يؤدي الي خلق "نظامهم العالمي الجديد". وأن هذا التدمير "يشكل قوة ثورية واسعة النطاق".

    وقد بدا ان الاحتلال الانجلو ـ اميركي للعراق، خصوصا كردستان العراق، كان تحضيرا لعمليات البلقنة (التقسيم) و"الفلدنة" (من فنلندا)، أي احلال السلام في الشرق الاوسط، ومشروع تقسيم العراق الي ثلاثة اجزاء خير دليل علي ذلك.
    الي ذلك ظهر ان خريطة الطريق العسكرية الانغلو ـ اميركية كانت تستهدف ايضا إيجاد مدخل الي آسيا الوسطي عن طريق الشرق الاوسط. فهذا الشرق الاوسط وأفغانستان وباكستان، تشكل معاً المداميك الاساسية لتوسيع النفوذ الاميركي الي داخل الاتحاد السوفياتي السابق، والجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطي. وهكذا، ومنذ اواسط العام 2006، بدأت خريطة ملامح مجهولة نسبيا للشرق الاوسط، شيئا فشيئا، في دوائر الناتو الاستراتيجية، وسمح لها، بين حين وآخر، بالظهور الي العلن، وذلك ربما للحصول علي الاجماع او التوافق، ولتحضير الرأي العام، بهدوء، للتغييرات المحتملة، والتي قد تقلب الامور رأسا علي عقب، في الشرق الاوسط. وكانت هذه خريطة لشرق اوسط اعيد رسم حدوده وهيكليته، تحت اسم "الشرق الاوسط الجديد".

    سايكس بيكو ـ 2
    ومن المؤكد أن اعادة رسم خريطة الشرق الاوسط وتقسيمه، ابتداء من الشواطئ الشرقية للبحر الابيض المتوسط، في لبنان وسوريا، الاناضول (في آسيا الصغري)، مرورا بشبه الجزيرة العربية، والخليج العربي، والهضبة الايرانية، وصولا الي مصر والسودان ودول شمال افريقيا، يعكسان اهدافا اقتصادية واستراتيجية وعسكرية واسعة، تشكل جزءا من اجندة انغلو ـ اميركية ـ اسرائيلية قديمة في المنطقة.
    وفي الواقع يلاحظ أن افغانستان، التي تخضع لسلطة قوات حلف الناتو قد تقسمت علي الارض. كما ان العداوات القوية قد زرعت في الشرق العربي، خصوصا في فلسطين ولبنان. ولا يزال الغرب يبذل مساعيه لبث الشقاق في سوريا وايران، وتعمد وسائل اعلامه علي قاعدة شبه يومية، الي تسريب اخبار عن ان الشعب العراقي لم يعد قادرا علي التعايش السلمي بين المذاهب والطوائف والاثنيات، وأن الازمة ليست بسبب الاحتلال الاميركي، بل بسبب "حرب اهلية" تغذيها النزاعات القائمة بين الشيعة والسنة والاكراد.

    وبالعودة الي بريجنسكي، مستشار الامن القومي الاميركي الاسبق نذكر بأنه صرح في العام 1991، والحرب العراقية ـ الايرانية في أوجها "ان المعضلة التي ستعانيها الولايات المتحدة من الآن وصاعدا هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم علي هامش الحرب بين العراق وايران، وتستطيع اميركا، من خلالها، تصحيح حدود "سايكس ـ بيكو".

    عقب هذا التصريح، وبتكليف من وزارة الدفاع الاميركية، بدأ المؤرخ الصهيوني ـ الاميركي برنارد لويس وضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والاسلامية كل منها علي حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وايران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الافريقي، وتفتيت كل منها الي مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية. وقد أرفق مشروعه المفصل بمجموعة من الخرائط المرسومة بإشرافه، وبموافقة البنتاغون، وتشمل عددا من الدول العربية (والاسلامية) المرشحة للتفتيت، وذلك بوحي من مضمون تصريح بريجنسكي الذي دعا الي تصحيح حدود سايكس ـ بيكو، بما يتناسب مع المصالح الاميركية ـ الصهيونية.

    وفي العام 1983، اقر الكونغرس الاميركي بالإجماع، في جلسة سرية، "مشروع لويس"، وتمّ بذلك تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الاميركية الاستراتيجية للسنوات المقبلة. 
    وقد أرفق لويس خرائط تقسيم الدول، بهذا المشروع علي الشكل الآتي:
    1- مصر: 4 دويلات (كما ذكرنا).
    2- السودان: 4 دويلات ايضا هي:
    - دويلة النوبة: التي تتكامل مع دويلة النوبة في الاراضي المصرية التي عاصمتها اسوان.
    - دويلة الشمال السوداني الاسلامية.
    - دويلة الجنوب السوداني المسيحية.
    - دويلة دارفور.

    وبالنسبة الي دول الشمال الافريقي، فإن "مشروع لويس" يرمي الي تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف اقامة:
    - دويلة البربر: علي امتداد دويلة النوبة في مصر والسودان.
    - دويلة البوليساريو.
    - دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا.

    وبالنسبة الي شبه الجزيرة العربية ودول الخليج يقضي "مشروع لويس بإلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والامارات العربية المتحدة، من الخريطة، ومحو وجودها الدستوري والدولي، بحيث تضم شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط هي:
    - دويلة الاحساء الشيعية (تضم الكويت والامارات وقطر وعمان والبحرين).
    - دويلة نجد السنية.
    - دويلة الحجاز السنية.

    اما في العراق فيري لويس ضرورة تفكيكه علي اسس عرقية ومذهبية علي النحو الذي حدث في سوريا في عهد العثمانيين، اي الي 3 دويلات هي:
    - دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة.
    - دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد.
    - دويلة كردية في الشمال والشمال ـ الشرقي حول الموصل (كردستان) وتقوم علي أجزاء من الاراضي العراقية والايرانية والسورية والتركية والسوفياتية (سابقا).

    في ما يتعلق بسوريا، يري المشروع ضرورة تقسيمها الي اقاليم متمايزة عرقيا او مذهبيا، وعددها اربعة هي:
    - دولة علوية ـ شيعية (علي امتداد الشاطئ).
    - دولة سنية في منطقة حلب.
    - دولة سنية حول دمشق.
    - دولة الدروز في الجولان ولبنان (الاراضي الجنوبية السورية وشرق الاردن والاراضي اللبنانية).

    اما لبنان فقد استقر رأي لويس علي وجوب تفتيته الي ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية، هي:
    - دويلة سنية في الشمال، عاصمتها طرابلس.
    - دويلة مارونية ـ مارونية شمالا (عاصمتها جونيه).
    - دويلة سهل البقاع الشيعية (عاصمتها بعلبك).
    - بيروت الدولية (المدولة).
    - كانتون فلسطيني حول صيدا حتي نهر الليطاني تسيطر عليه السلطة الفلسطينية.
    - كانتون في الجنوب يعيش فيه المسيحيون مع نصف مليون من الشيعة.
    - دويلة درزية (في اجزاء من الاراضي اللبنانية (حاصبيا) والسورية والفلسطينية المحتلة).
    - كانتون مسيحي جنوبي خاضع للنفوذ الاسرائيلي.

    تركيا يقترح المشروع انتزاع جزء منها وضمه الي الدولة الكردية (كردستان الحرة) المزمع اقامتها في شمال العراق، اما الاردن فيقضي المشروع بتفتيته وتحويله الي دولة فلسطينية تضم فلسطينيي الداخل ايضاً.

    وفي المشروع فقرة تتصل باليمن الذي يفترض أن يذوب لينضم في نهاية المطاف الي دولة الحجاز.

    في جانب آخر، يؤكد الخبراء والباحثون الاميركيون، وعلي رأسهم جيمس زغبي رئيس المعهد العربي ـ الاميركي، أن الثورات العربية نجحت في وضع حد للأساطير التي رعاها المحافظون الجدد وأمثالهم، وحافظوا عليها لمدة طويلة، والخاصة بتقسيم وتفتيت المنطقة. 
    ويؤكد زغبي: ان "الثورات العربية" نجحت في اطلاق مشاريع التقسيم التي قادتها الولايات المتحدة والغرب والكيان الصهيوني، وأحدثت صدمة وهزة في المنطقة، ونشرت في ربوعها الفوضي تمهيداً لإقامة شرق أوسط جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق