الأحد، 11 أكتوبر 2015

سلاماً ياآخر الصعاليك الجميلين..

طوني حداد

ناجي العلي -1937 -1987-.. ضمير فلسطين :
اليوم ذكرى رحيلك..
بعد 28 عاماً من الغياب ..مازال حضورك فينا مدويّاً..ومازال (حنظلة) يرسم خارطة وعينا ويرمي حجراً على مستنقعات بلادتنا وتراخينا وخيباتنا التي مرّت.. والتي على الطريق آتية..
حنظلة، الشخصية الكاريكاتيرية التي أحبها ناجي، والتي اعتبرها أيقونة تحميه من السقوط، يقول عنه:
ولد حنظلة في العاشرة من عمره، وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين، وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء.
11909745_891945557521795_753541851_n

وأما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي:
” كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبع”. وعندما سئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة، أجاب: ” عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته”.
لطالما تنبأ ناجي العلي بموته حيث كان يردد دائماً :
“اللي بدو يكتب لفلسطين، واللي بدو يرسم لفلسطين بدو يعرف حالو: ميت.”

لو لم يتيتّم “حنظلة” لكان “أبوه” المغدور ناجي- قال له اليوم :
ابصق في وجه هذا “الربيع” المزعوم والذي لايشبهنا ,فهو ربيع يودي الى كلّ مكان الاّ الى فلسطين..

ناجي العلي ..صباح الخير ياآخر (الصعاليك) الجميلين..!
11909745_891945557521795_753541851_n (1)



المزيد .. 

 أفغنــة سوريــة لمواجهــة رعــب روسيــا

dep

خاص: بانوراما الشرق الأوسط
أحمد الشرقاوي


سقـــوط الأوهـام علـى أسـوار دمشـق..
لعل من أولى نتائج الدخول الروسي المرعب الحرب على الإرهاب في سورية، ما يتعرض له الرئيس ‘أوباما’ من انتقادات وصلت حد الاستهزاء بسياساته الخارجية المرتبكة واستراتيجيته الفاشلة في المنطقة، وهو الذي بنى أوهام مشروع شرق أوسطه الصهيوني الجديد على شرط “سقوط الأسد” كمقدمة لـ”سقوط سورية” رمز الممانعة وقلب المقاومة في المنطقة..
بل هناك من ذهب حد مطالبة ‘أوباما’ بالصمت إذا لم يكن يملك استراتيجية بديلة تكون أفضل من استراتيجية الرئيس ‘بوتين’ الذي أصبح بطلا في عيون العرب ونجما لامعا في عيون الغرب، “واكل الجو” في الإعلام على مستوى العالم، بعد أن أدرك الجميع أن استراتيجية أوباما سقطت على أسوار دمشق وبقى ‘الأسد’..
لأن ما فعله الرئيس ‘بوتين’ بدخوله الحرب على الإرهاب بحلف منافس لحلف ‘أوباما’ وبقوة مرعبة أربكت الجميع، يعد من وجهة نظر الغرب الأطلسي تجاوزا لكل الخطوط الحمراء التي تم وضعها بمنطق القوة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي السابق، وأخطرها، بروز شروخ بحجم الكارثة في تحالف واشنطن:
* الأول، شرخ من عدم الثقة بين الشعوب الغربية وحكوماتها المتآمرة الخاضعة لإمبراطورية الشر والإرهاب الأمريكية، وعزوف المجتمعات في أوروبا عن تأييد حكوماتها في مغامراتها الدموية الخادعة، بعد أن انكشفت خيوط اللعبة وتبين أن الإرهاب هو منتوج أمريكي أطلسي يوظف من أجل تحقيق أهداف استعمارية خبيثة..
* الثاني، شرخ بين الحكومات الغربية نفسها والإدارة الأمريكية بسبب سياساتها الانتهازية التي لا تأخذ بالاعتبار مصالح أوروبا، وتعتبر قياداتها مجرد أدوات تنفذ ما يملى عليها من دون أن تشارك في اتخاذ القرارات الإستراتيجية الكبرى، ولا ينالها من الغنيمة إلا فتات الموائد بعد أن تشبع أمريكا، ناهيك عن التداعيات الكارثية التي تنعكس على أمنها القومي من دعم الإرهاب..
* الثالث، شرخ داخل التحالف العربي المساند لأمريكا، والذي بدأ يشهد تباينا واضحا بين مكوناته، حيث بدأت مصر والإمارات والأردن ينحون تدريجيا وإن بخطى مدروسة، في اتجاه الانخراط في الإستراتيجية الروسية لمحاربة الإرهاب في سورية والعراق، في ما لا تزال “السعودية” وقطر وتركيا يراهنون على الوهم برغم إدراكهم أن أمريكا أعجز من أن تحقق شيئ يذكر يعيد لهم الاعتبار ويعزز من دورهم ونفوذهم المزعوم في المنطقة.
فـ’بوتين’ من حيث يقصد أو لا يقصد، أماط اللثام عن هذه العلاقات البينية الملتبسة، وكشف ضعف الإستراتيجية الأمريكية وفشلها في تحقيق أهدافها، وأسقط الأقنعة الزائفة التي كان يتخفى ورائها حكام الغرب باسم الدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، والحكام الأعراب باسم الدفاع عن العروبة والإسلام، وفضح خداع الحلف الأمريكي الستيني في محاربة الإرهاب، لدرجة أن بعض الصحف الغربية لقبت الرئيس ‘بوتين’ بـ”المعلم” الذي يعطي دروسا للغرب في كيفية محاربة الإرهاب، وهذا لعمري قمة الاحتقار..
صحيفة ‘واشنطن بوست’ وضعت أصبعها على جوهر المعضلة الخميس، حين طالبت الرئيس أوباما بالكف عن انتقاد الإستراتيجية الروسية في سورية التي غيرت وجه الحرب على الإرهاب بشكل ناجح، وقالت أنه أولى برئيس الولايات المتحدة أن يصمت إذا لم تكن لديه استراتيجية أفضل من الإستراتيجية الروسية.
وسائل إعلام دولية مرموقة نصحت الرئيس أوباما بالتحلي بالشجاعة والتركيز على تقويم استراتيجيته في الحرب على الإرهاب للوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشلها، بدل الهروب إلى الأمام بالتركيز على انتقاد الإستراتيجية الروسية من دون أن يقدم للعالم بديلا ناجعا عنها..
ضابط سابق في المخابرات الأمريكية (CIA) يدعى ‘جون كيرياكو’، عزى فشل الإستراتيجية الأمريكية في محاربة الإرهاب إلى سبب وجيه، ومفاده، أن واشنطن التي كانت المسبب الرئيسي بنشوء وتمدد تنظيم “داعش” الإرهابي في كل من سوريا والعراق، وقامت بتسليحه بطريقة مخادعة من خلال ما يسمى بـ “الجيش الحر” في سورية، وضباط مرتشين دربتهم في العراق سهلوا له احتلال الموصل والسيطرة على ودائع الأبناك ومخازن السلاح، لا يمكنها أن تحارب التنظيم الإرهابي قبل أن ينجز المهمة التي وجد من أجلها وسمح له بالتمدد تحت أعين المخابرات الأطلسية انطلاقا من الأراضي التركية والأردنية..
أما الرئيس ‘أوباما’ الذي تفاجأ بحزم الرئيس ‘بوتين وإصراره على الذهاب في حربه على الإرهاب حتى النهاية وفق شروطه مهما كانت التداعيات، وصعق من حجم القوة التي دفعت بها موسكو لمسرح العمليات في سورية من دون أن تستطيع مخابراته معرفة نوايا ‘بوتين’ الحقيقية وما يخطط له في سورية والعراق وربما المنطقة، وتبين من الرسائل العسكرية الروسية الأخيرة أن موسكو مصممة على الدفاع عن أمنها القومي في سورية حتى لو أفضى الأمر إلى مواجهة عسكرية من حلف ‘الناتو’، الأمر جعل الكونجرس الأمريكي يعلن عزمه استجواب الإدارة الأمريكية بسبب فشل المخابرات في توقع أبعاد التدخل الروسي المرعب.. فلم يجد أوباما بالتالي ما يعبر به عن صدمته وانزعاجه وامتعاضه غير القول، إن “روسيا قوة إقليمية”..
وهذا يعني ضمنا، أن أمريكا “القوة العظمى” لا ترى أنه من المناسب مواجهة روسيا في سورية بشكل مباشر، وهو ما أوضحه أيضا من على منصة الأمم المتحدة حين قال: إن “واشنطن لا تريد العودة إلى أيام الحرب الباردة”..
لكن حقيقة الأمر، أن العكس هو الحاصل اليوم، فأمريكا لم تعد تلك القوة العظمى التي كان العالم يهابها، بعد الانتكاسات الكبيرة التي تعرض لها الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان، وتؤكد تقارير ‘البنتاغون’ في هذا الشأن، أن الولايات المتحدة لن يكون بمقدورها خوض حروب خارجية مباشرة قبل العام 2025، نظرا للضعف والوهن الذي أصاب جسمها العسكري من جهة، ومعارضة الشعب الأمريكي لأية مغامرة خارجية جديدة بتبريرات واهية، والأزمة المالية البنيوية التي أصابت الاقتصاد الأمريكي بعاهة مزمنة يصعب التعافي منها قبل عقود..
ليتضح بعد ذلك، أن ‘أوباما’ وخوفا من فقدان بلاده لدورها ومصالحها، استبدل خيار الحروب المباشرة والمكلفة بخيار الحروب بالوكالة وإدارة الصراعات من الخلف، وهو المنحى الذي لا يزال يصر على المضي فيه حتى النهاية، ليترك لأدواته الإقليمية اليوم التصرف بمعرفتها لإفشال الإستراتيجية الروسية في المنطقة، اعتقادا منه أن لا حل مع الروسي وحلفائه غير سياسة الاستنزاف بالوكالة، إلى أن تضطر موسكو وطهران إلى تغيير موقفهما من الرئيس ‘الأسد’ الذي تحول إلى عقدة نفسية أصابت الحكومات الأطلسية والخليجية بالهذيان السياسي وفقدان البوصلة..
هذا علما أن موقف موسكو وطهران موقف مبدئي لا يتغير ولا يتبدل، فروسيا تدافع عن سورية دعما للشرعية الشعبية ولأمنها القومي، وإيران تدافع عن سورية دعما للشرعية الشعبية ومحور المقاومة، وترفع شعار “ممنوع أن تسقط سورية”، لأن المواجهة في حقيقتها بالنسبة للقوتين هي مع أمريكا المتغطرسة بالنسبة لروسيا و”الشيطان الأكبر” بالنسبة لإيران.
أوبامـا يقـرر أفغنـة سوريـة لإفشـال روسيـا وإيـران..
من قواعد العمل السياسي والعسكري، الاستفادة من دروس التاريخ وتجارب الماضي في تقويم الخطط والإستراتيجيات وتعديل الأهداف لتكون أكثر قابلية للتحقق استنادا إلى الإمكانيات المتوفرة ومعطيات الواقع ومتطلبات المواجهة..
لكن يبدو أن لا وقت لدى الرئيس أوباما لفعل ذلك وهو الذي تحول إلى حمار كسيح في آخر سنة من ولايته التي لا يريد أن ينهيها بهزيمة مذلة أمام الدب الروسي، الذي عرف كيف يختار اللحظة المناسبة لدخوله الحرب على الإرهاب في المنطقة، واضعا أمام ‘أوباما خيارين: إما المشاركة أو المواجهة، لأن قواعد اللعبة تغيرت، والمعادلة الجديدة تقول بضرورة احترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها واختيار حكامها، ولا يحق لكائن من كان أن يفرض الحلول على الدول المستقلة من الخارج بالقوة بعد خديعة العراق وليبيا، ولا أن يوظف الإرهاب في سبيل تحقيق أجندات جيواستراتيجية بالوكالة..
ويبدو، أن الرئيس ‘أوباما’، من باب الغرور والمكابرة، فهم المعادلة بشكل مغلوط، واعتقد أن الروسي يضعه أمام خيارين أحلاهما مر: إما الخضوع لقواعد اللعبة الجديدة أو الانسحاب والهزيمة.. في حين أنه لو اختار القبول بشراكة الروسي في إدارة أزمات المنطقة والعالم لخرج الجميع منتصرا وفق المعادلة الإيرانية الذهبية “رابح – رابح”.. لكن ‘أوباما اختار المواجهة على القبول بالشراكة، وهذا ما يفهم من كلامه حين سارع للقول، وقبل أن تتضح معالم الخطة الروسية: إن “إستراتيجية روسيا خاطئة وستفشل في سورية”.. والسؤال هو: – مـن سيفشلهـا يـا تـرى؟..
ولتوضيح معنى “الفشل” الذي قصده الرئيس ‘أوباما’، خرج وزيره في الخارجية ‘جون كيري’ ليعلن للإعلام، أن “على روسيا وإيران الكف عن العناد بربط المصير برجل واحد، وأن على موسكو أن تفهم عواقب دعمها للأسد، وفرض حكم الأقلية العلوية في بحر65 مليون سني بين بغداد والحدود التركية الذين يرفضون قطعاً القبول بالأسد كقائد شرعي لهم”..
هذا التصريح العجيب الغريب يعني، أن أمريكا “الشيطان الأكبر” تحولت بقدرة قادر إلى متحدث رسمي ومدافع عن “السنــة” في المنطقة، وأن “الديمقراطية” الجديدة التي يبشر بها ‘جون كيري’، تقتضي إلغاء الدولة الوطنية في سورية والعراق ولبنان أيضا، لإقامة خلافة “سنية” داعشية كبرى تضم 65 مليون “سني” تحت رعاية تركيا الأطلسية، وتكون محاطة بإمارات وكانتونات من الأقليات الإثنية والطائفية والمذهبية، سواء بشكل مستقل أو في إطار فدراليات قابلة للحياة..
ومن نافلة القول بالمناسبة، أن من حق الوزير ‘جون كيري’ أن يكون غبيا، هذا شأنه، لكن ليس من حقه استغباء العالم، لأن الجميع يدرك أن روسيا والصين وإيران والشعب السوري وجيشه والمقاومات الشعبية وحزب الله، لم يدخلوا الحرب على الإرهاب في سورية من أجل إنقاذ رجل اسمه “الأسد” كما يزعم، مع احترامنا لما يمثله هذا القائد الشجاع المجاهد، وتقديرنا الكبير لوقوفه صامدا كالصخر دفاعا عن الحق في مواجهة الباطل، لأن المعادلة الجديدة التي تسعى موسكو وحلفائها لإرسائها في المنطقة والعالم هي معادلة أخلاق ومبادئ قبل المصالح التي لا يمكن أن تتحقق على حساب مصالح الشعوب.
لكن أهم وأخطر ما أفصح عنه الوزير ‘جون كيري’، هو ما تحضره إدارة أوباما للمرحلة المقبلة، حيث قال: إن “على روسيا أن تخاف، وأن تخاف كثيراً من الاستفراد بالحرب على ‘داعش’، ذلك لأن روسيا ستصبح هي الهدف، وستصبح أيضاً مع ‘الأسد’ المغناطيس الذي يشدّ الجهاديين ضدها”.. ما يعني بصريح العبارة، أن على روسيا أن تستعد لمواجهة مفتوحة مع “الجهاديين” من كل أصقاع الأرض، في حرب ستكون لها نكهة الحرب الأفغانية، وفق ما يتوهم ‘كيري’ الذي يتحدث بلسان ‘أوباما’..
وهذا يعني بالواضح الفاضح أن أمريكا والغرب عموما لا يملكون استراتيجية واضحة لمواجهة روسيا غير توظيف الإرهاب ليقوم بعملهم الوسخ نيابة عنهم، طمعا في تحقيق أهدافهم الخبيثة مهما كلف الأمر من دماء المسلمين وخراب ديارهم، لأن القضية في جوهرها لا تتعلق بـ”الإرهاب” الذي هو مجرد حصان طروادة يساعدهم على فرض هيمنتهم وسرقة خيرات ومقدرات الشعوب المستضعفة، وهذا أسلوب جديد من الاستعمار المقنع.
رسالة ‘جون كيري’ التقطتها “السعودية” وقطر وتركيا بسرعة الضوء، فقرروا استدعاء الدين لهزيمة روسيا في استحضار لتجربة الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان من خارج الظروف والسياق، والتي تجاوزتها روسيا الاتحادية الجديدة حين سحقت الإرهاب في الشيشان.
وطبعا من الغباء الرهان على استحضار التجربة الأفغانية، لاعتبارات موضوعية كثيرة، لأن الظروف غير الظروف والسياق مختلف، والطبيعة الجغرافية لسورية والعراق مغايرة تماما، حيث لا وجود لجبال “تورا بورا” الشاهقة، والمجتمع السوري لا يشبه المجتمع الأفغاني في شيئ، لأنه مجتمع علماني، متنور، لقحته الحضارات ومنفتح على الثقافات ومتشبع بالقيم الإنسانية الكونية، وروسيا الاتحادية القوية زمن بوتين لا تشبه في شيئ الاتحاد السوفياتي المريض زمن أسلافه..
كما أن حلفاء بوتين اليوم في محور المقاومة، بالإضافة إلى الصين التي نزلت هي أيضا بثقلها في ميناء طرطوس استعدادا للمواجهة عند الضرورة، ودعم حلف “شانغهاي” للإستراتيجية الروسية، وإعلان مجلس الأمن الجماعي في القوقاز بالإضافة للرئيس الشيشاني استعدادهم للمشاركة في الحرب البرية على الإرهاب في سورية والعراق، ودعم مصر السياسي لحرب ‘بوتين’ على الإرهاب، بل وطلب الحكومة الأفغانية أول أمس من موسكو التدخل لمساعدة أفغانستان على محاربة الإرهاب… كلها عوامل تجعل من الرهان على “الجهاديين” كوقود لنار الحرب على روسيا وحلفائها ضربا من العبث والمغامرة الطائشة التي سترتد حتما على داعمي خيار الحرب الدينية في المنطقة، خصوصا بعد تحذير الرئيس ‘بوتين’ لهم عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية بعواقب مثل هذا الخيار الوخيمة، والرجل لا يمزح ومستعد للذهاب بعيدا في مواجهة كل من يقف في طريقه حتى لو اقتضى الأمر سحقه..
روسيا تحسبت للأمر من قبل، ويبدو أنها درست دخولها الحرب على الإرهاب بدقة متناهية، ووضعت كافة الاحتمالات، وناقشت مع حلفائها جميع الخيارات قبل أن تضع لها سيناريوهات المواجهة، وهي تدرك أن استراتيجية “الجهاديين” الجدد من الجيل الثالث، ستركز على عناصر ثلاث:
1. توحيد الجماعات والتنظيمات والفصائل المقاتلة في سورية والعراق تحت راية واحدة ومحاولة تأجيل الخلافات بينها لما بعد سقوط سورية.
2. تسليحها بأسلحة نوعية وبخاصة مضادات الدروع والطائرات وتكنولوجيا الاتصالات.
3. التنسيق بينها من خلال غرفة عمليات بتركيا، ومدها بالمعلومات الاستخباراتية عن تحركات روسيا وحلفائها لمساعدتها على خلق المفاجآت وتحقيق نتائج تقلب التوازنات على الأرض.
وهذا بالتحديد ما أعلن عنه وزير الدفاع الأمريكي الجمعة من واشنطن في تقاطع ملفت للنظر مع الإستراتيجية التي وضعها “علماء” ما يسمى بالسلفية الوهابية والإخوان المجرمين ونشروها على المت قبل يومين، وذلك بقوله، أن أمريكا قررت تدريب قيادات من الجماعات المقاتلة في سورية، في إشارة ضمنية إلى (جيش الإسلام والنصرة وأحرار الشام وجيش الفتح وغيرها من التنظيمات التكفيرية)، وتزويدها بأسلحة نوعية متطورة، مع توفير الغطاء الجوي لها لتتمكن من محاربة “داعش” وتحرير الأراضي التي تحتلها..
الإستراتيجية الأمريكية “السنية” الجديدة التي أعلن عنها وزير الدفاع الأمريكي هي ما يمكن تسميته بـ”أفغنة” سورية لاستنزاف روسيا وحلفائها، وتوفير الغطاء الجوي لها يعني خلق منطقة عازلة بحكم الأمر الواقع، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى احتكاك وتصادم حتمي بين الحلفين في غياب التنسيق بينهما بعد أن رفض وزير الدفاع الأمريكي التنسيق مع روسيا في سورية، لأن موسكو أعلنت صراحة أنها لن تقبل بإقامة منطقة عازلة في الشمال، واعتبرت المجال الجوي السوري مجالا لعملياتها العسكرية بحكم التفويض الشرعي الذي حصلت عليه بشكل رسمي من الحكومة السورية، وأنها تحارب كل التنظيمات الإرهابية باختلاف أسمائها ومسمياتها، ولا تعترف بمعارضة سورية مقاتلة لعدم وجودها أصلا على الأرض..
والسؤال الذي يطرح نفسه بالناسبة هو: – كيف ستواجه موسكو وحلفائها هذا المستجد؟.. وهل أمريكا تسعى لتوريط تركيا والحلف الأطلسي في نزاع مسلح مع روسيا؟.. وماذا سيكون الرد الروسي والإيراني على “السعودية” التي يقال أنها تعمل على إقامة “حلف سني” لأفغنة سورية، يضم بالإضافة إلى تركيا وقطر كل من باكستان وأندونيسيا، في ما يبدو أنه مشروع لتفجير حرب دينية كبرى في المنطقة؟..
الرئيس السوري ‘بشار الأسد’ سبق وأن قال في لقاء مع وفد إعلامي روسي قبل أسابيع، أن “الوجود الروسي في سورية سيغير العالم”، وليس المنطقة فحسب، وهو ما لم يفهمه الغرب في حينه..
وحتى لا نطيل، سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة المفتوحة لأهميتها بل وخطورتها في مقالتنا المقبلة بحول الله.
خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية



المزيد .. 

الخميس، 8 أكتوبر 2015

محمد سيف الدولة

فى كلمته أمام الجمعية العامة للامم المتحدة فى دورتها الـ 70، أعلن ابو مازن، انه طالما اسرائيل لا تلتزم باتفاقيات اوسلو وملحقاتها، فان السلطة الفلسطينية لن تلتزم هى الأخرى.
***
ربما فى ظروف أخرى، كنا سنرحب جميعا بمثل هذه البداية التصحيحية، وكان العالم سينقلب رأسا على عقب، وكان هذا الخبر ليتصدر كل وكالات الانباء العربية والعالمية والعبرية.
ولكن شيئا من هذا لم يحدث.
لماذا؟
 لأن أحدا لم يصدق أبو مازن فيما قاله، لا الفلسطينيين ولا العرب ولا الصهاينة ولا امريكا ومجتمعها الدولى.
لقد نطقها ابو مازن فى كلمات ثقيلة خرجت من فمه "بالعافية" وكأن هناك طبنجة موجهة الى رأسه، قالها من وراء قلبه، مجردة من المصداقية والحزم والحماسة التى تتسم بها مثل هذه القرارات الخطيرة الفارقة.
قالها وهو يتلجلج و يتلعثم، ويعيد ويزيد ويصحح ويفسر ويمعن فى التبرير وكأنه يعتذر عنها قبل ان ينطقها.
***
ولكن الاهم انه قالها فى سياق خطاب، حمل عشرات المعانى والمواقف المضادة والمناقضة لأى توجه وطنى حقيقى، و خالية من أى تراجع فعلى عن نهج "أوسلو" فى الاعتراف باسرائيل والتنازل لها عن فلسطين 1948 والتخلى عن الحق فى المقاومة ومطاردة من يقاوم من الشعب الفلسطينى:
قال أنه رغم كل الاعتداءات الاسرائيلية ومهما حدث فإنهم لن يلجئوا أبدا للعنف!
رحم الله ابو عمار 1974 حين تحدث عن غصن الزيتون والبندقية فى خطابه الشهير فى الامم المتحدة.
اما ابو مازن فالظاهر انه لم يعلم بعد ان البشرية قد اخترعت شئ اسمه الانتفاضات الشعبية ومقاومة الاحتلال، او انه يعلم ويخجل أن يقترن اسمه بها، فأراد أن يتبرأ منها بكل الصيغ والتعبيرات.
وحتى حين طالب بالحماية الدولية، فانه أخذ " يتمسكن" ويقدم صورة مهينة للشعب الفلسطينى، صورة شعب غلبان مكسور الجناح، مغلوب على أمره، لا حول له ولا قوة، وكأنه يتكلم عن شعب آخر غير الذى نعرفه والذى لم يكف عن المقاومة منذ قرن من الزمان.
لقد كان يستجدى الحماية من الامم المتحدة استجداءً، فكررها عدة مرات:  نرجوكم، نرجوكم، نرجوكم.
***
أخذ فى خطابه يؤكد ويكرر على اعترافه باسرائيل وحقها فى الوجود وفى الحياة آمنة على "أرض فلسطين التاريخية" حتى يطمئن الجميع انه لا يحمل اى اطماع او احلام هناك. ووجه خطابا ودودا الى ما يسمى "بالشعب الاسرائيلى" يناجيه ويستجديه السلام هو الآخر. 
تحدث عن قرار التقسيم الصادر من الامم المتحدة عام 1947، لا ليعترض عليه، ويذكر المؤسسة الدولية بالمآسى التى عانى منها الشعب الفلسطينى بناء عليه. ولكن لينطلق منه كأساس ومرجعية دولية يلتزم بها، وليشكو ان الجزء الخاص فيه بالدولة الفلسطينية لم ينفذ بعد.
حتى انه لم يشر الى ان مساحة اسرائيل الحالية (78 % من فلسطين) ليست هى المساحة التى اعطتها الامم المتحدة للدولة اليهودية (55% من فلسطين)
***
وكرر نفس العبارات الكريهة التى يرددها قادة العرب كثيرا هذه الأيام، من ان حل القضية الفلسطينية سيجرد المتطرفين والإرهابيين من كل ذرائعهم. وكأن تحرير الارض المحتلة ليس مطلوبا فى حد ذاته، وانما لتفويت الفرصة على الارهابيين.
وحين أراد أن يعدد الانتهاكات الاسرائيلية، تحدث عن الدوابشة وابو خضير ثم قفز فجأة للخلف 15 سنة للتحدث عن محمد الدرة، متجاهلا كل جرائم الحرب والإبادة التى ارتكبتها اسرائيل فى غزة وآخرها العدوان الاخير فى صيف 2014، والتى سقط فيها ما يزيد عن 2000 شهيد اكثر من نصفهم من الاطفال والنساء.
***
وأخيرا، لا أعلم لماذا يتصور اصحاب الفخامة والجلالة والسمو، حين يذهبون الى الامم المتحدة او يتحدثون فى المنابر الدولية، ويحاولون تجميل وجوههم، اننا ننسى حقيقتهم وماذا كانوا يفعلون فى اليوم السابق وماذا سيفعلون فى اليوم التالى؟
فمن الذى ينسق مع العدو الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى ومقاومته. ويطارد ويعتقل ويسجن مئات الفلسطينيين كل يوم، وفقا للأوامر والتعليمات الاسرائيلية؟
ومن الذى سلم عناصر الشرطة الفلسطينية للأمريكان، ليقوموا بتدريبها على  الشراكة الامنية مع قوات الاحتلال فى مواجهة الفلسطينيين؟
ومن الذى وصم الانتفاضة بالكارثة؟
 ومن الذى يقيد الشعب الفلسطينى اليوم و يعمل حثيثا على اجهاض اى محاولات للثورة والانتفاض ضد تقسيم المسجد الاقصى وتهويده؟
ومن الذى بارك وتواطأ على حصار الشعب فى الفلسطينى فى غزة؟
وقبل ذلك وبعده، من الذى باع فلسطين 1948 للعدو الصهيونى واعترف بشرعية اسرائيل؟ ويقوم بدور الخادم الأمين لأمن اسرائيل ؟
***
آه، عفوا، كدت أنسى، مبروك رفع العلم الفلسطينى فى الأمم المتحدة.
*****
                                                                                                    القاهرة فى أول أكتوبر 2015

الاثنين، 5 أكتوبر 2015

الحليف المناسب للغرب في سوريا في مواجهة تنطيم الدولة الإسلامية

المعارضة السورية المسلحة...معتدلة وإسلامية جهادية؟

أصبحت الإدارة الأمريكية تريد تسليح المعارضة السورية المسلحة من أجل مساندة الولايات المتّحدة الأمريكية في حربها ضد تنطيم الدولة الإسلامية. الصحفية والخبيرة الألمانية كريستين هيلبيرغ تسلط الضوء في تحليلها التالي لموقع قنطرة على الأطراف المناسبة للدخول في تحالف مع الغرب.
تبدو الخطة بسيطة: ستقوم الولايات المتّحدة الأمريكية بقصف تنظيم الدولة الإسلامية من الجو، وعلى الأرض سيتولى محاربته المتمرّدون السوريون. إذ إنَّ ما يسير بشكل جزئي في شمال العراق - بالتعاون هناك مع قوّات البشمركة الكردية - يريد تطبيقه الآن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في سوريا. لكن مع مَنْ يجب على الغرب التعاون ومَنْ هم "المتمرّدون المعتدلون" الذين كثيرًا ما يدور الحديث حولهم؟
يعتبر البحث عن شركاء في سوريا أمرًا صعبًا لثلاثة أسباب. أولاً: تعاني المعارضة المسلحة في البلاد من انقسامات حادة للغاية ويؤدّي تغيير التحالفات إلى جعل تحديد ألوية المقاومة المسلحة أمرًا صعبًا. ثانيًا: لقد تم تحويل المقاومة ضدّ نظام الأسد بعد ثلاثة أعوام من القتال اليائس من أجل البقاء إلى مقاومة إسلامية برمّتها، وذلك لأنَّها أيضًا كانت تُموّل بصورة كبيرة من قبل المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا. وثالثًا: تمثّل هذه الدولُ الثلاث حلفاءَ الولايات المتّحدة الأمريكية الرئيسيين في المنطقة، ولكن لديها تصوّرات مختلفة حول مستقبل سوريا، ولذلك يوجد اختلاف حول تحديد الجماعات التي يجب على الأمريكيين دعمها.
فيما يخص المشكلة الأولى: يبلغ بحسب تقديرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية عدد الميليشيات في سوريا ألفًا وخمسمائة جماعة مسلحة، لذلك لا بدّ من التبسيط كثيرًا من أجل ترتيبها على نحو تقريبي. ومعظم هذه الألوية تتكوّن من عدة مئات أو بضعة آلاف من المقاتلين وتقودها شخصيات محلية تحرص على استقلالها ودعمها الميداني. أمَّا التحالفات التي يتم تشكيلها باستمرار تحت أسماء جديدة - سواء كانت جغرافية أو ضمنية - فكثيرًا ما تستمر لبضعة أشهر فقط أو أنَّها لا تخرج قطّ عن كونها مجرّد تصريحات نوايا يتم نشرها على شبكة الانترنت.
تحوّلات غير ثابتة
يمتد الطيف الإيديولوجي في سوريا من القوميين العلمانيين إلى الإسلاميين المحافظين وحتى السلفيين الجهاديين، إذ تعتبر التحوّلات الإيديولوجية غير ثابتة. يعدّ تحالف الجيش السوري الحرّ مع وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، الجناح العسكري لحزب الاتّحاد الديمقراطي (PYD) السوري شقيق حزب العمال الكردستاني التركي، من ضمن القوى ذات التوجّهات القومية، أي القوى التي لا تستند على حجج دينية.
تسيطر وحدات الجيش السوري الحر على المعركة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، حيث تأتي الإمدادات عبر تركيا، وتقاتل داخل مدينة حلب وحولها وكذلك في جنوب سوريا بالقرب من مدينة درعا وفي منطقة دمشق وريفها. أمَّا وحدات حماية الشعب فتسيطر على شمال شرق سوريا ذي الأغلبيه الكردية.
مدينة الرقة السورية بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية عليها. Foto: dpa/AP Photo/Raqqa Media Center of the Islamic State
مَنْ سيوقف تنظيم الدولة الإسلامية؟ بعد تقدّمه السريع في الأشهر الأخيرة بات تنظيم الدولة الإسلامية يفرض سيطرته على أجزاء واسعة من سوريا والعراق. يعتبر دحر ميليشيا تنظيم الدولة الإسلامية من قبل القوّات الحكومية العراقية وبعض أطراف المعارضة السورية المسلحة أمرًا غير محتمل.
تقود الوسط الإسلامي في البلاد الجبهة الإسلامية السورية، وهي أقوى تحالف للمتمرّدين في سوريا. وجميع أعضائها يتبنّون خطابًا دينيًا، ومع ذلك تعترف بعض الألوية المنضوية تحت رايتها بالمبادئ الديمقراطية وحقوق المرأة والأقليات، في حين أنَّ هناك ألوية أخرى تتبنّى مواقف سلفية أكثر تطرُّفًا. لقد تأسّست الجبهة الإسلامية في الأصل من سبع جماعات في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، كان من بينها كتائب أحرار الشام (في شمال سوريا) ولواء التوحيد (في حلب) ولواء صقور الشام (في إدلب) ولواء جهاد الإسلام (في دمشق).
ويُقدّر عدد أعضاء الجبهة الإسلامية في جميع أنحاء سوريا بنحو خمسين ألف مقاتل. قد يؤدي الهجوم الذي استهدف قادة كتائب أحرار الشام في بداية شهر أيلول/سبتمبر الماضي 2014 ولم يُقتل فيه فقط الزعيم السياسي للجبهة الإسلامية حسن عبود - الذي يعدّ من أهم زعماء المتمرّدين في سوريا، بل لقد قُتل فيه أيضًا جميع الكوادر القيادية في كتائب أحرار الشام، إلى إضعاف الجبهة الإسلامية. ولذلك فإنَّ الأمر الحاسم بالنسبة للتطوّرات في الأشهر المقبلة بات يكمن في احتمال انتقال مقاتلي كتائب أحرار الشام (عددهم الإجمالي نحو عشرين ألف مقاتل) إلى الجيش السوري الحر أو إلى المتطرّفين، أو ربما أيضًا إلى تنطيم الدولة الإسلامية.
وهذا التنظيم الأخير يعدّ وبكلّ وضوح في الطرف الجهادي من الطيف الإيديولوجي في سوريا، تمامًا مثلما هي الحال مع جبهة النصرة - التي تمثّل الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا - وكذلك الجماعات الأجنبية المختلفة. وهذه الجماعات تتكوّن من جهاديين غير سوريين يتوقفون في سوريا فقط وهم في طريقهم إلى الخلافة العالمية، وغالبًا ما ينظّمون أنفسهم بحسب جنسياتهم، ويوجد من بينهم توانسة ومصريون وليبيون ومغاربة ولبنانيون وسعوديون وأوزبكستانيون وشيشان وكذلك بعض معتقلي غوانتانامو السابقين.
تحالف ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية
في حين أنَّ جميع الجماعات الجهادية الأجنبية تدعم تنطيم الدولة الإسلامية على الأقل دعمًا إيديولوجيًا، فإنَّ جبهة النصرة تتّخذ موقفًا معاديًا من تنظيم الدولة الإسلامية. فبعدما حاول زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في عام 2013 جعل نفسه الممثّل الوحيد لتنظيم القاعدة في العراق وسوريا ورفضته جبهة النصرة، حدثت القطيعة مع تنظيم القاعدة. ومنذ ذلك الحين يتّبع البغدادي مشروع الخلافة الخاص به، ولذلك تتم محاربته في سوريا من قبل جميع المتمرّدين الآخرين، أي من قبل الجيش السوري الحر ووحدات حماية الشعب الكردية والجبهة الإسلامية السورية وكذلك جبهة النصرة.
وبما أنَّ العديد من الألوية لا تستطيع وحدها التأثير كثيرًا، فهي تتّحد مع بعضها من أجل تنفيذ عمليات أكبر - سواء تعلق الأمر بالاستيلاء على مطار عسكري من مطارات النظام أو بإخراج تنظيم الدولة الإسلامية من
منطقة معيّنة. وعلى هذا النحو تنشأ باستمرار تحالفات جديدة محلية. إذ تتعاون وحدات الجيش السوري الحر مع الجبهة الإسلامية بشكل منتظم، وفي الماضي كثيرًا ما كانت تشارك في هذه التحالفات أيضًا جبهة النصرة المجهّزة تجهيزًا جيدًا. وبالتالي فإنَّ الخوف من احتمال وصول الأسلحة إلى تنظيم القاعدة هو صحيح من دون ريب.
فمن سيحصل إذًا على الخمسمائة مليون دولار المقترحة من أوباما؟ حتى الآن تعاون الأمريكيون في الغالب مع الجيش السوري الحر. تعتبر محاولة إيجاد بعض التنظيم الهيكلي في الحرب ضدّ نظام الأسد من خلال المجلس العسكري الأعلى الذي تم تأسيسه في عام 2012، أي الشريك العسكري للائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية السياسية في الخارج، محاولة فاشلة. ويعود سبب فشلها قبل كلّ شيء إلى كون الولايات المتّحدة الأمريكية كانت تعد بالكثير ولم تفعل سوى بالقليل. كان ضباط الجيش السوري الحر يعودون طيلة أعوام ببعض الذخيرة وبنادق كلاشينكوف قديمة إلى "قادتهم"، وكثيرًا ما كانوا يعودون بأيدٍ فارغة. ولهذا السبب تحوّل معظم قادة الألوية إلى البحث بأنفسهم عن الداعمين الأجانب.
أحد قادة المعارضة السورية أحمد الجربا في اجتماع مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتاريخ 13 / 05 / 2014 في واشنطن.  Foto: Picture-alliance/AA
وعد الغرب بالكثير ولم يفعل سوى القليل - "من سيحصل إذًا على الخمسمائة مليون دولار المقترحة من أوباما؟ حتى الآن تعاون الأمريكيون في الغالب مع الجيش السوري الحر. تعتبر محاولة إيجاد بعض التنظيم الهيكلي في الحرب ضدّ نظام الأسد من خلال المجلس العسكري الأعلى الذي تم تأسيسه في عام 2012، أي الشريك العسكري للائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية السياسية في الخارج، محاولة فاشلة"، مثلما ترى كريستين هيلبيرغ.
وفي هذه الأثناء من المفترض أنَّ وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أصبحت تموّل ما بين 12 و14 ميليشا في الشمال ونحو 60 مجموعة أصغر في جنوب البلاد، ولكن هل بإمكان الولايات المتّحدة الأمريكية أن تكسب المعركة ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية بالتعاون فقط مع الجيش السوري الحر؟ وهل يجب على الغرب عدم التفكير في إشراك الألوية السورية الأقوى التي ينتمي الكثير منها إلى الجبهة الإسلامية؟ يقودنا هذا السؤال إلى المشكلة الثانية المتمثّلة في أسلمة الثورة السورية.
ما من شكّ في أنَّ منشورات العديد من جماعات الجبهة الإسلامية على الإنترنت تبدو متطرّفة بالنسبة لنا في الغرب، لكن يجب علينا خاصة في وسط المعارضة السورية الواسع أن نكون حذرين مع الأوصاف الإيديولوجية. إذ إنَّ الإيديولوجيات المعروضة من قبل لواء ما تخدم حاليًا قبل كلّ شيء في تمويل الحرب كما أنَّها لا تعبّر كثيرًا عن قناعة سياسية راسخة. وبما أنَّ أهم المموّلين موجودون منذ أعوام في دول الخليج، فإنَّ الظهور بوشاح أسود مشدود فوق الجبين عليه الشهادة باللون الأبيض يعتبر أمرًا مجديًا أكثر من ارتداء الملابس العسكرية الخضراء المموّهة.
متمرّدون يمكن التأثير عليهم إيديولوجيًا
وفي الواقع من الممكن من دون ريب التأثير على المتمرّدين في سوريا إيديولوجيًا. فهم يعلنون بحسب الطرف الذي يجلس مقابلهم (سواء كان عميلاً لاستخبارات غربية أو مبعوثًا عن العاهل السعودي) أنَّهم يريدون اختيار الديمقراطية والحرية للجميع، أو أنَّهم يسعون إلى إقامة دولة سُنّية. وطبقًا لذلك يتعامل السوريون أيضًا بمرونة في صراعهم اليومي من أجل البقاء.
فمن لم يستطِع الحصول حتى على بندقية كلاشينكوف لدى الجيش السوري الحر، يفضّل الذهاب إلى الإسلاميين في كتائب أحرار الشام، المجهّزة تجهيزًا أفضل بكثير. وإذا اضطر شاب إلى تحمّل نفقات أسرته الكبيرة، سيسرع في اللجوء إلى تنظيم الدولة الإسلامية الذي يدفع أجرًا منتظمًا. ولكن هذا لا يعني مع ذلك أنَّه أصبح بين ليلة وضحاها جهاديًا مقتنعًا بالأفكار الجهادية. ولذلك توجد طاقات كبيرة من المقاتلين السوريين المتطوّعين، الذين يستطيع الغرب كسبهم إلى جانبه من خلال الحوافز المالية.
ولكن لا بدّ من الحذر: إذ إنَّ مَنْ يطالب بالابتعاد الفوري عن المواقع الإسلامية كشرط مسبق لتصدير الأسلحة، يضع زعماء المتمرّدين في موقف خطير باعتبارهم عملاء فاسدين للغرب ويخسر المقاتلين الذين سينتقلون إلى جماعات أكثر تطرّفًا. بإمكان الأمريكيين والأوروبيين منع تسجيل هذا الهدف في مرماهم، من خلال جعلهم أولاً بعض الألوية السورية قوية لا تعتمد على دعم الجهاديين. إذ إنَّ مَنْ يكسب لدى الجيش السوري الحر مالاً أكثر مما يكسبه لدى تنظيم الدولة الإسلامية، سوف يبقى وفيًا لهذا الجيش. ومَنْ يستطِع بقوّته الخاصة الاستيلاء على قاعدة عسكرية تابعة للأسد، فلا يحتاج إلى اللجوء إلى جبهة النصرة. يجب أن يكون الولاء مجديًا.
ينطبق ما يلي بشكل خاص على جبهة النصرة التي شاركت معها في القتال جميع جماعات المتمرّدين السوريين تقريبًا: من الأفضل عدم مواجهتها مباشرة (وإلاّ فستتحالف مرة أخرى مع تنظيم الدولة الإسلامية)، بل يجب أن يتم سحب البساط ببطء من تحت أقدامها. في شهر تموز/ يوليو 2014 أعلنت ثمانية ألوية - جميعها تحصل على مساعدات عسكرية غربية - عن أنَّها لم تعد تتعاون مع جبهة النصرة. وفي الواقع لقد قاتل واحد من هذه الألوية على الأقل أثناء الدفاع عن مدينة حلب إلى جانب جبهة النصرة، وذلك بسبب عدم توفّر الأسلحة الحديثة الضرورية لدى هذا اللواء.
مقاتلون من الجيش السوري الحر في حي صلاح الدين في حلب. Foto: picture alliance /abaca
يجب بحسب رأي كريستين هيلبيرغ "مكافأة التعاون الجديد القائم بين الجيش السوري الحر ووحدات حماية الشعب الكردية، وكذلك توحيد الهياكل من خلال إرسال الأسلحة الحديثة إلى الجيش السوري الحر والأكراد وإلى العديد من وحدات الجبهة الإسلامية وربطها بذلك مع الغرب، من أجل العمل بالتالي على إضعاف الجماعات المتطرّفة مثل جبهة النصرة وعزلها".
وضع حدود واضحة للجهاديين
تبقى المشكلة الثالثة المتمثّلة في التصوّرات المختلفة لمستقبل سوريا. ففي حين أنَّ الغرب يحلم بإقامة دولة تكون علمانية ديمقراطية بقدر الإمكان، تفضّل المملكة العربية السعودية إيجاد دولة دينية سُنّية، بينما تريد قطر انتصار جماعة الإخوان المسلمين. ولكن بما أنَّ دول الخليج غير مستعدة - على العكس من الولايات المتّحدة الأمريكية - لأن تنشر في سوريا قوّاتها المتطوّرة جدًا (بفضل صادرات الأسلحة الألمانية)، فيجب على واشنطن أن تختار حلفاءها على الأرض.
من الممكن للسعوديين والقطريين تسديد النفقات، بينما يستطيع الأردنيون والأتراك تقديم الدعم اللوجستي، غير أنَّ الكلمة الأخيرة، أي تحديد الأطراف التي ستحصل على المساعدات الغربية، يجب أن تكون لدى أولائك الذين يخاطرون أكثر بكثير من غيرهم، وحتى الآن يبدو أنَّ هؤلاء هم الأمريكيون.
يجب على الغرب وضع حدود واضحة للجهاديين في أثناء بحثه عن حلفاء في الحرب ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن ينبغي عدم المبالغة في تقدير التصريحات الإسلامية الخاصة بالألوية السورية. كذلك يجب مكافأة التعاون الجديد القائم بين الجيش السوري الحر ووحدات حماية الشعب الكردية، وكذلك توحيد الهياكل من خلال إرسال الأسلحة الحديثة إلى الجيش السوري الحر والأكراد وإلى العديد من وحدات الجبهة الإسلامية وربطها بذلك مع الغرب، من أجل العمل بالتالي على إضعاف الجماعات المتطرّفة مثل جبهة النصرة وعزلها. ومن المهم للغاية: أن يكف الغرب عن إطلاق الوعود التي لا يمكنه الوفاء بها.


كريستين هيلبيرغ
ترجمة: رائد الباش

استطلاع: "نصف الألمان خائفون" من اللاجئين وميركل تخسر 9 نقاط من شعبيتها لترحيبها باللاجئين وتحظى بتأييد 54% من شعبها


04.10.2015

ووفقا لوزارة الداخلية الألمانية في ولاية بافاريا، فقد وصل بين 270 و 280 ألفا من طالبي اللجوء الى ألمانيا خلال أيلول/سبتمبر 2015 وحده، أي أكثر من إجمالي الذين وصلوا عام 2014. من جانبها قالت ميركل إن بلادها لا يمكنها توفير ملاذ لكل اللاجئين القادمين إليها.وأضافت: "علينا أن نوضح أيضاً أن هؤلاء الذين لا يحتاجون إلى حماية والقادمين لأسباب اقتصادية محضة، عليهم أن يغادروا بلادنا مرة أخرى".

 وكشف استطلاع نشرت نتائجه شبكة التلفزة الألمانية إيه آر دي العامة عن قلق ومخاوف تنتاب نصف الألمان حيال وصول مئات الآلاف من طالبي اللجوء فيما تتراجع شعبية المستشارة الألمانية انغيلا ميركل التي فتحت أبواب البلاد بشكل واسع. وأظهرت نتائج الاستطلاع ان 51% من الألمان أعربوا عن "الخوف من اللاجئين" نقلا عن بيانات معهد إنفراتست.
وبذلك، تكون نسبة الذين أعربوا عن الخوف ارتفعت 13 بالمائة مقارنة مع استطلاع أجري الشهر الماضي، بينما تتوقع ألمانيا هذا العام استقبال بين 800 ألف إلى مليون من طالبي اللجوء.
من جهتها، خسرت ميركل 9 نقاط خلال شهر واحد، بحيث أعلن 54% فقط تأييدها، وهي أسوأ نسبة لها منذ نحو أربع سنوات.
وبالنسبة للألمان الذين يعيشون في شرق ألمانيا، حيث تتركز التظاهرات المعادية للمهاجرين، فان 59% ممن شملهم الاستطلاع أكدوا الخوف من اللاجئين. فيما عبر 48% فقط عن مخاوفهم غرب البلاد.
وقد أظهر الألمان ترحيبا بطالبي اللجوء وخصوصا الفارين من مناطق الحرب في العراق أو سوريا. لكن تكاثر الحوادث في مراكز الإيواء بين اللاجئين من مختلف الجنسيات ساهم في تغيير الآراء بعض الشيء وتشديد الخطاب السياسي، خصوصا في ولاية بافاريا حيث يصل العديد من المهاجرين.
من جهة أخرى، أعلنت السلطات في مدينة هامبورغ أنها أصدرت قانونا يسمح لها بمصادرة عقارات تجارية فارغة لإيواء طالبي اللجوء.

حتى الأطفال الرضع نجحوا في الوصول إلى عاصمة ولاية بافاريا. الطفلة ذات الثوب الأحمر ترفع يدها بالتحية وتظهر على وجهها ابتسامة تزيل عناء الرحلة الطويلة الشاقة. اغتالت الصراعات والحروب أحلامها في بلدها الأصلي، لكن ربما تبتسم لها الحياة هنا في ألمانيا.
وكشفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن بلادها لا يمكنها توفير ملاذ لكل اللاجئين القادمين إليها. وفي رسالتها الأسبوعية المتلفزة عبر الإنترنت، قالت ميركل السبت (الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2015): "يجب علينا أن نوضح أن هؤلاء المحتاجين إلى حماية من المنتظر أن ينالوا الحماية لدينا، كما علينا أن نوضح أيضاً أن هؤلاء الذين لا يحتاجون إلى حماية والقادمين لأسباب اقتصادية محضة، عليهم أن يغادروا بلادنا مرة أخرى". وأضافت ميركل: "علينا أن نكون أكثر منطقية، وأن نوضح ذلك". د ب أ

الشرطة الألمانية: زيادة الهجمات على ملاجئ اللاجئين في ألمانيا إلى الضعف